قال محللون إن الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الهند ستلحق ضرراً أكبر باقتصاد هذا البلد الآسيوي، الذي يعاني أصلاً من تباطؤ، كما قد تؤدي إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

في خطوة اعتبرها عقوبة على شراء الهند للنفط الروسي، ضاعف ترمب يوم الخميس الرسوم الجمركية على السلع الهندية لتصل إلى 50%، في إجراء من شأنه أن يجعل صادرات العديد من الصناعات إلى الولايات المتحدة غير قادرة على المنافسة.

تفيد تقديرات “بلومبرغ إيكونوميكس” بأن الرسوم التراكمية، التي باتت أعلى ليس فقط من تلك المفروضة على منافسي الهند في التصدير مثل فيتنام، بل أيضاً من تلك المفروضة على الصين، يمكن أن تخفض الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى 60%، مما قد يؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي بما يقرب من نقطة مئوية.

يقدّر البنك المركزي الهندي نمو الاقتصاد بنسبة 6.5% في السنة المالية 2026، وهي نفس النسبة المسجلة في العام السابق، وأقل بكثير من متوسط النمو البالغ 8% الذي كان يُسجل في السنوات التي سبقت ذلك.

كتب المحللان تشيتنا كومار وآدم فارار أن “الأثر الكلي على الناتج المحلي الإجمالي قد يكون أعلى ليصل إلى 1.1% على المدى المتوسط”، بمجرد الإعلان عن الرسوم على قطاعات مثل الأدوية والإلكترونيات.

اقرأ أيضاً: ترمب يفتح نار الرسوم على الهند وأوروبا والأدوية.. وأول زيادة بعد 24 ساعة

الرسوم تهدد الصادرات

يرى محللون أن الرسوم الجديدة، التي سيبدأ تطبيقها خلال 21 يوماً، ستضرب صادرات القطاعات كثيفة العمالة مثل الأحجار الكريمة والمجوهرات والمنسوجات والأحذية، ما قد يؤدي إلى توقف الأعمال التجارية في هذه المجالات. كما من المتوقع أن يدفع هذا الإجراء الهند إلى البحث بنشاط عن أسواق بديلة.

وصفت نيودلهي القرار بأنه “غير عادل ولا مبرر له”، وهاجمت ترمب بسبب استهدافه للهند، رغم أن دولاً أخرى تواصل شراء النفط من موسكو.

طالع أيضاً: ترمب يتوعد الهند برسوم “كبيرة” لشرائها نفط روسيا

قال الخبيران الاقتصاديان سونال فارما وأورودييب ناندي من شركة “نومورا هولدينغز” إن فرض رسم بنسبة 50% يشبه “حظراً تجارياً، وسيؤدي إلى توقف مفاجئ في صادرات السلع المتأثرة”.

أضافا أن القيمة المضافة المنخفضة وهوامش الربح الضئيلة في العديد من الصناعات قد تجعل من الصعب على الشركات الصغيرة التنافس. وتُعد الولايات المتحدة أكبر وجهة لصادرات السلع الهندية، إذ تمثل ما يقرب من خُمس إجمالي الشحنات الخارجة من البلاد.

قال ساميران شاكرابورتي من “سيتي غروب” إن الصادرات ستصبح “غير مجدية اقتصادياً”، مشيراً إلى أن “التقديرات المباشرة قد تقلل من حجم الضرر الحقيقي”.

أشار شاكرابورتي إلى أن الحساب الجاري والتدفقات الرأسمالية في الهند سيشعران بالضغوط أيضاً، ومع اقتراب الروبية من أدنى مستوياتها التاريخية، قد يضطر البنك المركزي إلى التدخل لتخفيف أي تراجع حاد في قيمتها.

خطر الرسوم الجمركية

تشير تقديرات “سيتي غروب” إلى أن الرسوم الأعلى تشكل خطراً سلبياً يتراوح بين 0.6 إلى 0.8 نقطة مئوية على معدل النمو السنوي.

من جانبها، لا تتوقع الحكومة الهندية أن يكون الضرر بهذا الحجم.

قال دامو رافي، أمين العلاقات الاقتصادية في وزارة الخارجية الهندية، إن بلاده ستبحث عن فرص بديلة في حال أصبحت الولايات المتحدة “بيئة تصدير صعبة”، مشيراً إلى جنوب آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية كأسواق محتملة.

طالع أيضاً: كيف تحل الهند معادلة تعريفات ترمب؟

أضاف: “من الطبيعي جداً أن تبحث الدول عن بدائل عندما تواجه حواجز جمركية مرتفعة في أي منطقة من العالم”.

إجراءات الهند لتحفيز الاقتصاد

في حال استمرار الرسوم المرتفعة، يتوقع المحللون أن تقدم الحكومة والبنك المركزي الهندي دعماً سياسياً لتحفيز النمو. وتغطي الرسوم الجديدة ثلثي صادرات الهند إلى الولايات المتحدة، والتي تبلغ قيمتها 58 مليار دولار، وفقاً لتقديرات “مورغان ستانلي”.

كتب كل من باني غامبير وأوباسانا تشاشرا من “مورغان ستانلي” في مذكرة للعملاء أن “البنك المركزي الهندي قد يجري خفضين متتاليين لأسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية لكل منهما، إضافة إلى خفض بمقدار 25 نقطة أساس تم احتسابه مسبقاً”.

كان البنك المركزي قد أبقى أسعار الفائدة دون تغيير يوم الأربعاء، إذ فضّل صانعو السياسات تبني نهج الانتظار والترقب في ظل حالة عدم اليقين المرتبطة بالرسوم الجمركية.

كما أشارا إلى أن الحكومة الاتحادية من المرجح أن توقف سياسة ضبط أوضاع المالية العامة مؤقتاً، وقد تزيد من الإنفاق الرأسمالي لدعم الطلب المحلي.

شاركها.