أصبح استخدام كاميرات التسجيل داخل السيارات، المعروفة باسم “داش كام” (Dash Cam)، شائعًا بشكل متزايد في العديد من الدول العربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ومع تزايد الاعتماد على هذه التقنية لتسجيل الأحداث المرورية، يثار تساؤل حول الحدود القانونية لاستخدام الداش كام، وحقوق وواجبات السائقين فيما يتعلق بتسجيل ونشر هذه المقاطع. أوضح المحامي المتخصص في قضايا المرور، أحمد العبدالله، التفاصيل القانونية المتعلقة بهذا الموضوع.

جاء توضيح المحامي العبدالله في أعقاب زيادة الاستفسارات من السائقين حول قانونية استخدام هذه الكاميرات، خاصةً بعد انتشار مقاطع فيديو مسجلة بواسطة الداش كام على وسائل التواصل الاجتماعي. تزايد الاهتمام بهذا الموضوع يأتي بالتزامن مع جهود وزارة الداخلية في مختلف الدول العربية لتعزيز السلامة المرورية وتقليل الحوادث.

الحدود القانونية لاستخدام الداش كام في الدول العربية

وفقًا للمحامي العبدالله، فإن القانون لا يمنع بشكل قاطع استخدام الداش كام داخل السيارة. ومع ذلك، هناك قيود وشروط يجب على السائقين الالتزام بها لتجنب الوقوع في مخالفات قانونية. يعتمد الإطار القانوني الدقيق على قوانين المرور في كل دولة عربية على حدة، ولكن هناك مبادئ عامة مشتركة.

حقوق السائق في تسجيل الأحداث المرورية

يتمتع السائق بحق تسجيل الأحداث المرورية التي تحدث أمامه أو حوله، وذلك بهدف توثيقها واستخدامها كدليل في حالة وقوع حادث أو خلاف. هذا الحق يهدف إلى حماية حقوق السائق وتوفير إثباتات مادية يمكن الاعتماد عليها في الإجراءات القانونية. ومع ذلك، يجب أن يتم هذا التسجيل دون انتهاك خصوصية الآخرين.

قيود على نشر مقاطع الفيديو المسجلة

النقطة الأكثر حساسية تتعلق بنشر مقاطع الفيديو المسجلة بواسطة الداش كام على وسائل التواصل الاجتماعي أو أي منصة عامة أخرى. ينص القانون على أنه لا يجوز نشر هذه المقاطع دون الحصول على موافقة جميع الأطراف الظاهرين في الفيديو، أو إخفاء هوياتهم بشكل كامل.

ينص نظام مكافحة الجرائم الإلكترونية في العديد من الدول العربية على عقوبات صارمة لمن ينتهك خصوصية الآخرين عبر الإنترنت، بما في ذلك نشر صور أو مقاطع فيديو لهم دون موافقتهم. بالإضافة إلى ذلك، قد يتعرض الشخص لمساءلة قانونية إذا تسبب نشره للفيديو في تشهير أو إهانة الآخرين.

استخدام التسجيلات كدليل في المحكمة

يمكن استخدام التسجيلات المسجلة بواسطة الداش كام كدليل في المحكمة في قضايا المرور والحوادث. ومع ذلك، يجب أن تكون التسجيلات أصلية وغير معدلة، وأن يتم تقديمها بطريقة قانونية. عادةً ما تتطلب المحكمة شهادة فني متخصص للتحقق من صحة التسجيل وأنه لم يتم التلاعب به.

وفقًا لتقارير وزارة العدل، فإن المحاكم العربية أصبحت بشكل متزايد تقبل التسجيلات المسجلة بواسطة الداش كام كدليل قاطع في قضايا الحوادث المرورية، مما يعزز أهمية هذه التقنية في تحقيق العدالة.

مسؤولية السائق عند استخدام الداش كام

بالإضافة إلى الالتزام بالقيود القانونية المتعلقة بالنشر، يتحمل السائق مسؤولية التأكد من أن استخدام الداش كام لا يؤثر على تركيزه أثناء القيادة. يجب ألا يتسبب تركيب الكاميرا أو النظر إليها في تشتيت انتباه السائق وتعريضه أو تعريض الآخرين للخطر.

الداش كام لا ينبغي أن تكون عائقًا للرؤية أو تعيق حركة السائق. بالإضافة إلى ذلك، يجب على السائق التأكد من أن الكاميرا تعمل بشكل صحيح وأنها تسجل الأحداث بشكل واضح ودقيق.

تسجيل المركبات باستخدام الداش كام يمثل تطورًا تكنولوجيًا مهمًا في مجال السلامة المرورية، ولكن يجب استخدامه بمسؤولية ووعي بالحقوق والواجبات القانونية. الداش كام يمكن أن تساعد في كشف المخالفات المرورية وتحديد المسؤولية في حالة وقوع حوادث، ولكنها أيضًا قد تشكل خطرًا على خصوصية الآخرين إذا تم استخدامها بشكل غير قانوني. الداش كام أصبحت أداة شائعة، ولكن يجب فهم حدود استخدامها.

كاميرات المراقبة داخل السيارات، مثل الداش كام، تثير أيضًا تساؤلات حول حماية البيانات الشخصية. القيادة الآمنة تتطلب التركيز الكامل، واستخدام الداش كام يجب ألا يؤثر على ذلك.

في الختام، من المتوقع أن تقوم وزارة الداخلية في مختلف الدول العربية بإصدار توجيهات أكثر تفصيلاً بشأن استخدام الداش كام في الأشهر القادمة، بهدف توضيح الحقوق والواجبات القانونية للسائقين. من المرجح أن تتضمن هذه التوجيهات إرشادات حول كيفية حماية خصوصية الآخرين وكيفية استخدام التسجيلات كدليل في المحكمة. يبقى من غير المؤكد ما إذا كانت ستتم إضافة تعديلات جديدة على قوانين المرور لتنظيم استخدام هذه التقنية بشكل أكثر تحديدًا، وهو ما يستدعي المتابعة المستمرة.

شاركها.