انطلقت فعاليات موسم التشجير الوطني للعام الثاني على التوالي في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية، وذلك في إطار دعم رؤية المملكة 2030 ومبادرة “السعودية الخضراء”. ويهدف موسم التشجير الوطني، الذي يشهد مشاركة واسعة من الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني، إلى تعزيز الغطاء النباتي، ومكافحة التصحر، وتحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين. وتأتي هذه الجهود بالتزامن مع زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة والاستدامة.

ويتركز العمل حاليًا في محافظة الليث، حيث نظمت وزارة البيئة والمياه والزراعة اجتماعًا لاستعراض خطط التشجير والاستراتيجيات المستقبلية. ويهدف البرنامج في الليث إلى الإسهام الفعال في تحقيق أهداف المبادرة الوطنية، من خلال مشاريع بيئية متنوعة على مستوى المحافظة والمراكز التابعة لها. وتشمل خطط التشجير زراعة الأشجار والنباتات المحلية، بالإضافة إلى الأشجار المثمرة التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي.

أهمية موسم التشجير الوطني وأهدافه الرئيسية

تعتبر مبادرة “السعودية الخضراء” ركيزة أساسية في خطط التنمية المستدامة للمملكة، حيث تسعى إلى زيادة مساحة المناطق الخضراء إلى 10% من إجمالي مساحة المملكة. يمثل التشجير الوطني جزءًا لا يتجزأ من هذه المبادرة، ويقوم بدور محوري في تحقيق هذا الهدف الطموح. وتشير التقارير إلى أن زيادة الغطاء النباتي تساهم في تحسين جودة الهواء، وتنظيم درجة الحرارة، وحماية التربة من التآكل.

مبادرات التشجير في محافظة الليث

تستعد وزارة البيئة والمياه والزراعة في محافظة الليث لإطلاق سلسلة من المبادرات التي تركز على زراعة النباتات المحلية المناسبة لظروف المنطقة. وتشمل هذه المبادرات توزيع الشتلات على المواطنين، وتنظيم حملات تطوعية للتشجير في الأماكن العامة، وتوعية المجتمع بأهمية الحفاظ على البيئة. بالإضافة إلى ذلك، سيتم التركيز على استخدام تقنيات الري الحديثة لضمان استدامة المشاريع الزراعية.

دور المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر

يلعب المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر دورًا أساسيًا في توجيه وتنفيذ مشاريع التشجير في جميع أنحاء المملكة. ويقدم المركز الدعم الفني والمالي للجهات المشاركة، ويشرف على جودة العمل المنفذ. وقد أعلن المركز عن خطط لزيادة استخدام الطائرات بدون طيار في عمليات التشجير، بهدف الوصول إلى المناطق النائية والصعبة.

تكامل الجهود بين القطاعات المختلفة

لا يقتصر موسم التشجير الوطني على جهود وزارة البيئة والمياه والزراعة والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر فحسب، بل يشمل أيضًا مشاركة فعالة من القطاعين الخاص وغير الربحي. وقد أبدت العديد من الشركات والمؤسسات رغبتها في المساهمة في هذه المبادرة، من خلال توفير الدعم المالي أو العيني، أو تنظيم حملات توعية، أو تبني مشاريع تشجير خاصة بها. يُعد هذا التكامل بين القطاعات المختلفة من أهم عوامل نجاح المبادرة.

بالإضافة إلى ذلك، تشجع الحكومة على مشاركة المواطنين في جهود التشجير، من خلال توفير فرص التطوع وتوعية الجمهور بأهمية المساهمة في الحفاظ على البيئة. وتشير البيانات إلى أن أعداد المتطوعين في حملات التشجير قد ازدادت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، مما يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية هذه القضايا. وتشمل جهود زيادة الوعي استخدام وسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل الاجتماعي.

التحديات التي تواجه جهود التشجير

على الرغم من الجهود المبذولة، إلا أن هناك بعض التحديات التي تواجه مشاريع التشجير الوطني، مثل قلة الموارد المائية، وارتفاع درجات الحرارة، وتدهور التربة. وللتغلب على هذه التحديات، يتم التركيز على استخدام تقنيات الري الحديثة، واختيار الأنواع النباتية المناسبة لظروف المنطقة، وتطبيق أساليب إدارة التربة المستدامة. كما يتم العمل على تطوير مصادر مياه بديلة، مثل مياه الأمطار المحلاة.

وتعتبر عوامل التغير المناخي أيضًا من التحديات الكبيرة، حيث تزيد من احتمالية حدوث الجفاف والفيضانات، مما يؤثر سلبًا على نمو النباتات ونجاح مشاريع التشجير. لذلك، يتم دمج اعتبارات التغير المناخي في خطط التشجير، من خلال اختيار الأنواع النباتية القادرة على تحمل الظروف المناخية القاسية، وتطبيق أساليب الزراعة التي تساهم في التخفيف من آثار التغير المناخي. وتشمل هذه الأساليب الزراعة العضوية واستخدام الأسمدة الطبيعية.

وفي سياق متصل، تولي وزارة البيئة والمياه والزراعة اهتمامًا خاصًا بمكافحة التصحر وحماية التنوع البيولوجي. وتعمل الوزارة على تنفيذ مشاريع ترميم الأراضي المتدهورة، وحماية المحميات الطبيعية، وتشجيع زراعة النباتات البرية النادرة. يهدف ذلك إلى الحفاظ على البيئة الطبيعية للمملكة للأجيال القادمة.

من المتوقع أن تستمر فعاليات موسم التشجير الوطني خلال الأشهر القادمة، مع التركيز على زيادة عدد الأشجار والنباتات المزروعة في جميع أنحاء المملكة. وستعلن وزارة البيئة والمياه والزراعة في وقت لاحق عن نتائج الحملة وتقييم الأثر البيئي لها. ومن المهم متابعة تطورات هذه المبادرة، وتقييم مدى تحقيقها لأهدافها الطموحة في مجال حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة. كما من الضروري الاستمرار في رفع الوعي بأهمية التشجير والمحافظة على الموارد الطبيعية لضمان استدامة هذه الجهود في المستقبل.

شاركها.