أكد قادة فصائل مسلحة في العراق، وفقًا لتصريحات صدرت يوم السبت، استعدادهم للتعاون مع الحكومة بشأن قضية حصر السلاح بيد الدولة، وهي خطوة طالما طالبت بها بغداد وواشنطن على حد سواء. يأتي هذا التطور بعد ضغوط متزايدة، بما في ذلك مطالبة الولايات المتحدة بتفكيك هذه الفصائل التي تصنفها “إرهابية”. وقد أثارت هذه القضية جدلاً واسعاً في المشهد السياسي العراقي، وتعتبر تحديًا كبيرًا لتحقيق الاستقرار.
أعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، فائق زيدان، شكره لقادة الفصائل على استعدادهم للتعاون، مشيدًا باستجابتهم لـ “النصيحة المقدمة لهم بشأن فرض سيادة القانون”. يأتي هذا الإعلان بعد فترة من التوتر وعدم اليقين بشأن مستقبل هذه الجماعات المسلحة ودورها في الدولة العراقية. ولكن، قد تكون هناك خلافات حول كيفية تنفيذ هذه الخطوة.
الخلافات حول حصر السلاح: مواقف متباينة
على الرغم من الترحيب العام بالتصريحات، إلا أن هناك اختلافات واضحة في المواقف بين الفصائل المختلفة. فقد أكدت كتائب حزب الله أنها لن تناقش التخلي عن سلاحها إلا بعد انسحاب كامل للقوات الأجنبية من العراق، معتبرةً أن “المقاومة حق”. هذا الموقف يعكس التزامها المستمر بمواجهة الوجود الأمريكي في البلاد.
في المقابل، أعرب قادة ثلاث فصائل أخرى، تصنفها واشنطن على أنها “إرهابية”، عن اتفاقهم من حيث المبدأ على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة. ومع ذلك، لم يقدموا التزامات واضحة بنزع سلاحهم بشكل كامل وفوري. وقد صرح قيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق، بأن فصيله يعتبر نفسه الآن جزءًا من الدولة، مما يدعم فكرة الانتقال إلى العمل السياسي.
الانتخابات التشريعية ودور الفصائل
تجدر الإشارة إلى أن هذه الفصائل شاركت في الانتخابات التشريعية العراقية الأخيرة وحصلت على مقاعد في البرلمان. وهي الآن جزء من الإطار التنسيقي الشيعي، وهو الكتلة الأكبر في البرلمان. هذا التمثيل السياسي يعزز من نفوذها وقدرتها على التأثير في القرارات الحكومية.
بالإضافة إلى ذلك، فقد دعت الولايات المتحدة الحكومة العراقية إلى استبعاد هذه الفصائل الستة من العملية السياسية والعمل على تفكيكها، وذلك في أعقاب الانتخابات العامة التي جرت في نوفمبر الماضي. هذا الطلب يعكس مخاوف واشنطن بشأن استقرار العراق وتأثير هذه الفصائل على المنطقة. المفاوضات السياسية تتضمن قضايا الأمن الإقليمي.
تداعيات مبادرة حصر السلاح
إن مبادرة حصر السلاح بيد الدولة لها تداعيات كبيرة على المشهد السياسي والأمني في العراق. من شأنها أن تقلل من نفوذ الفصائل المسلحة وتعزز من سلطة الدولة. لكنها قد تؤدي أيضًا إلى تصعيد التوتر بين هذه الفصائل والحكومة، خاصة إذا رفضت بعضها التعاون أو التخلي عن سلاحها.
بالنظر إلى التغييرات الأخيرة في المنطقة والتوترات المتزايدة مع الفصائل المدعومة من الحرس الثوري الإيراني، فإن نجاح هذه المبادرة يعتمد إلى حد كبير على قدرة الحكومة العراقية على بناء توافق سياسي واسع وإقناع جميع الأطراف المعنية بضرورة تحقيق الاستقرار والأمن. قد تحتاج الحكومة إلى تقديم ضمانات أمنية للفصائل مقابل التنازل عن أسلحتها. المسألة الأمنية تتطلب حوارًا شاملاً.
من المتوقع أن تستأنف الحكومة العراقية مفاوضاتها مع قادة الفصائل في الأيام القليلة القادمة، بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن آليات حصر السلاح وجدول زمني لتنفيذه. إلا أن التحديات كبيرة والنتائج غير مضمونة، خاصة في ظل وجود خلافات عميقة حول الدور المستقبلي لهذه الفصائل في الدولة العراقية. يجب مراقبة ردود فعل الأطراف الإقليمية المتأثرة بهذا التطور.
يبقى الوضع في العراق هشا ومعقدا، ويتطلب جهودا متواصلة من جميع الأطراف لتحقيق الاستقرار والأمن، والحفاظ على سيادة القانون. المراقبون يرون أن تطور الأحداث في الأيام القادمة سيكون حاسماً في تحديد مستقبل العراق.






