ناقش مجلس الشورى السعودي مؤخرًا التقرير السنوي لجامعة طيبة للعام الجامعي 2024، مع التركيز على تطوير البرامج الأكاديمية لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة. وقد جاءت هذه المناقشة في سياق سعي المملكة لتعزيز دور التعليم العالي في تحقيق رؤية 2030، وتطوير البرامج الأكاديمية بما يتماشى مع متطلبات المستقبل. ويهدف هذا التقييم إلى ضمان مواكبة الجامعة للتطورات العالمية في مختلف المجالات.

عقد المجلس جلسته في الرياض، حيث استمع إلى تقرير مفصل قدمته لجنة التعليم والبحث العلمي، برئاسة الدكتور ناصر طيران. التقرير تناول أداء جامعة طيبة خلال العام الجامعي الماضي، والإنجازات التي حققتها في مجالات التدريس والبحث العلمي والخدمة المجتمعية. كما سلط الضوء على التحديات التي تواجه الجامعة والفرص المتاحة لتطويرها.

تحديث البرامج الأكاديمية في جامعة طيبة: ضرورة استشرافية

أكد أعضاء مجلس الشورى على أهمية تبني جامعة طيبة لإطار عمل استشرافي يركز على “جامعة تصنع المستقبل”. هذا الإطار، كما أوضح الدكتور عبدالله النجار، يتطلب إعادة تصميم شاملة للبرامج الأكاديمية بناءً على نماذج دقيقة للتنبؤ باحتياجات سوق العمل. ويعتبر هذا التوجه جزءًا من جهود أوسع لتحديث منظومة التعليم العالي في المملكة.

أهمية التنبؤ باحتياجات سوق العمل

تعتبر عملية التنبؤ باحتياجات سوق العمل أمرًا بالغ الأهمية لضمان حصول الخريجين على المهارات والمعرفة اللازمة للنجاح في حياتهم المهنية. وفقًا لتقارير وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، يشهد سوق العمل السعودي تحولات سريعة تتطلب تخصصات جديدة ومهارات متطورة. لذلك، يجب على الجامعات أن تكون قادرة على الاستجابة لهذه التغيرات بشكل فعال.

إنشاء “مرصد مستقبليات أكاديمية”

من بين التوصيات الرئيسية التي قدمها الدكتور النجار، إنشاء “مرصد مستقبليات أكاديمية” داخل جامعة طيبة. يهدف هذا المرصد إلى رصد التغيرات العالمية في التخصصات والوظائف، وتحليل الاتجاهات المستقبلية في سوق العمل. كما سيقوم المرصد بتقديم توصيات سنوية لتحديث البرامج الأكاديمية القائمة، واقتراح برامج جديدة تلبي احتياجات المستقبل.

ويرى خبراء التعليم أن إنشاء مثل هذا المرصد يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة في تطوير البرامج الأكاديمية. فهو يوفر للجامعة قاعدة بيانات موثوقة ومعلومات دقيقة تساعدها على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن تطوير مناهجها الدراسية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمرصد أن يلعب دورًا هامًا في توجيه الطلاب نحو التخصصات التي تتمتع بفرص عمل واعدة.

التركيز على تطوير المهارات الرقمية والتقنية يعتبر أيضًا من الأولويات الرئيسية في هذا السياق. فقد أظهرت الدراسات أن الطلب على الخريجين ذوي المهارات الرقمية والتقنية في ازدياد مستمر. لذلك، يجب على جامعة طيبة أن تضمن أن جميع برامجها الأكاديمية تتضمن مكونًا قويًا في هذا المجال. ويشمل ذلك تدريس مهارات البرمجة وتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني.

بالإضافة إلى ذلك، ناقش المجلس أهمية تعزيز الشراكة بين جامعة طيبة والقطاع الخاص. فقد أكد أعضاء المجلس على أن القطاع الخاص يمكن أن يلعب دورًا هامًا في تحديد احتياجات سوق العمل، وتوفير فرص التدريب العملي للطلاب. كما يمكن للقطاع الخاص أن يساهم في تطوير المناهج الدراسية، وضمان أن الخريجين يتمتعون بالمهارات التي يبحث عنها أصحاب العمل. وتعتبر هذه الشراكة جزءًا من جهود المملكة لتنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط.

وفي سياق متصل، أشارت تقارير سابقة إلى أن وزارة التعليم تعمل على تطوير إطار عام لتقييم أداء الجامعات السعودية، مع التركيز على جودة البرامج الأكاديمية وقدرتها على تلبية احتياجات سوق العمل. ويهدف هذا الإطار إلى تحسين جودة التعليم العالي في المملكة، وتعزيز قدرتها التنافسية على المستوى الدولي. كما يهدف إلى ضمان حصول الطلاب على تعليم عالي الجودة يؤهلهم للنجاح في حياتهم المهنية.

من المتوقع أن تقوم جامعة طيبة بتشكيل لجنة متخصصة لدراسة توصيات مجلس الشورى، ووضع خطة عمل لتنفيذها. ويجب أن تتضمن هذه الخطة جدولًا زمنيًا واضحًا، ومؤشرات أداء قابلة للقياس. كما يجب أن تتضمن الخطة آليات لضمان مشاركة جميع أصحاب المصلحة في عملية التطوير، بما في ذلك أعضاء هيئة التدريس والطلاب وممثلي القطاع الخاص. الجدول الزمني المتوقع لتقديم خطة العمل هو نهاية الربع الأول من العام القادم 2025.

يبقى التحدي الأكبر أمام جامعة طيبة هو القدرة على التكيف السريع مع التغيرات المتسارعة في سوق العمل. ويتطلب ذلك استثمارًا كبيرًا في البحث والتطوير، وتطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص. كما يتطلب ذلك تبني ثقافة الابتكار والتجديد، وتشجيع الطلاب على التفكير النقدي وحل المشكلات. وسيكون من المهم مراقبة مدى استجابة الجامعة لهذه التحديات، وتقييم تأثير هذه التحديثات على جودة التعليم العالي في المملكة.

شاركها.