أكد المجلس الرئاسي اليمني دعمه الكامل لمبادرة المملكة العربية السعودية الداعية إلى إنهاء التصعيد وسحب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي شبوة وأبين. يأتي هذا التأكيد في ظل تصاعد التوترات الأخيرة بين قوات المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، مما يهدد الاستقرار الهش في جنوب اليمن. يهدف هذا الإجراء إلى الحفاظ على الأمن العام وتجنب المزيد من التعقيدات في الوضع اليمني المتأزم، مع التركيز على أهمية الاستقرار في المحافظتين.

البيان، الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) اليوم، يمثل تطوراً هاماً في الجهود المبذولة لتهدئة الأوضاع في جنوب البلاد. ويأتي بعد أيام من نشر قوات المجلس الانتقالي في مناطق متنازع عليها في شبوة وأبين، مما أثار ردود فعل قوية من الحكومة اليمنية ودول التحالف بقيادة السعودية. الهدف الرئيسي من هذه المبادرة هو تفادي أي تدهور إضافي في الوضع الأمني والإنساني.

المجلس الانتقالي الجنوبي ودعوات إنهاء التصعيد في شبوة وأبين

تتعلق الأزمة الحالية بتنافس على النفوذ والموارد في محافظتي شبوة وأبين، وهما منطقتان غنيتان بالنفط وتعتبران حيوية للأمن الإقليمي. يضم المجلس الانتقالي الجنوبي فصائل مسلحة تسعى إلى تحقيق حكم ذاتي أوسع أو استقلال كامل لمنطقة جنوب اليمن. وقد اتهمت الحكومة اليمنية المجلس الانتقالي بالسعي لتقويض سلطتها المركزية وزعزعة الاستقرار في المناطق المحررة.

خلفية التوترات الأخيرة

بدأت التوترات تتصاعد في شبوة وأبين بعد تعيين محافظين جدد من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهو ما اعتبره المجلس الانتقالي محاولة لتقليص نفوذه في المنطقة. وقد رد المجلس الانتقالي بنشر قواته في تلك المحافظات، مما أدى إلى مواجهات متفرقة مع القوات الحكومية. وتشير التقارير إلى أن هذه التحركات تعكس خلافات أعمق حول تقاسم السلطة والموارد في اليمن.

وفقًا لمصادر يمنية، فإن المملكة العربية السعودية لعبت دورًا حاسمًا في التوسط بين الطرفين المتنازعين. وتسعى السعودية إلى تحقيق الاستقرار في اليمن، ليس فقط لأسباب أمنية، بل أيضًا لحماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة. كما أن استقرار اليمن يعتبر مفتاحًا لحل الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الشعب اليمني منذ سنوات.

يدعم المجلس الرئاسي اليمني بشكل كامل هذه المبادرة، معتبرًا إياها خطوة ضرورية نحو تحقيق السلام والاستقرار في البلاد. وأكد المجلس في بيانه على أهمية تغليب المصلحة العامة والعمل بروح المسؤولية الوطنية لتجاوز هذه المرحلة الحرجة. ويأمل المجلس أن تستجيب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي للدعوة السعودية وأن تسحب قواتها من شبوة وأبين بشكل فوري.

في المقابل، لم يصدر حتى الآن رد رسمي من المجلس الانتقالي الجنوبي على دعوة المملكة. ومع ذلك، تشير بعض المصادر إلى أن المجلس قد يبدي بعض المرونة، ولكنه يطالب بضمانات بشأن مستقبل الجنوب ومشاركة عادلة في السلطة والثروة. هذه المطالب تعتبر من القضايا الرئيسية التي تعيق عملية السلام في اليمن.

تأتي هذه الدعوة في سياق جهود دولية أوسع نطاقاً لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن. وتشمل هذه الجهود مبادرات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى في المنطقة. ومع ذلك، فإن تحقيق السلام الدائم في اليمن يتطلب حلًا سياسيًا شاملاً يرضي جميع الأطراف اليمنية.

الوضع الإنساني في اليمن يزداد سوءًا مع استمرار الحرب. وحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من 24 مليون يمني يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، وأن ملايين الأشخاص يعانون من سوء التغذية والجفاف. إنهاء الصراع وتوفير الأمن والاستقرار يعتبران أمرًا حيويًا لتحسين الوضع الإنساني في اليمن.

بالإضافة إلى ذلك، فإن استمرار التوترات في جنوب اليمن يهدد بتقويض جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة. فقد تستغل الجماعات المتطرفة الوضع الأمني المتدهور لتعزيز نفوذها وتنفيذ هجمات إرهابية. لذلك، فإن تحقيق الاستقرار في اليمن يعتبر ضروريًا لحماية الأمن الإقليمي والدولي.

الخلافات حول تقاسم السلطة في اليمن تعود إلى سنوات طويلة، وقد تفاقمت بعد اندلاع الحرب الأهلية في عام 2014. وتشمل هذه الخلافات قضايا مثل التمثيل السياسي والاقتصادي للمناطق المختلفة، وتوزيع الموارد الطبيعية، وتحديد شكل الدولة اليمنية المستقبلية.

من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من المفاوضات والتشاور بين الأطراف اليمنية المعنية، بدعم من المملكة العربية السعودية والأمم المتحدة. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد على مدى استعداد الأطراف اليمنية لتقديم تنازلات والعمل بروح التعاون والتوافق. المهلة الزمنية التي حددتها السعودية لقوات المجلس الانتقالي للانسحاب من شبوة وأبين ستكون حاسمة في تحديد مسار الأزمة.

في الختام، يبقى الوضع في شبوة وأبين معلقًا على استجابة المجلس الانتقالي الجنوبي للمبادرة السعودية. الخطوات التالية ستشمل مراقبة مدى التزام المجلس بالانسحاب، وتقييم تأثير ذلك على الوضع الأمني والإنساني في المنطقة. كما يجب متابعة تطورات المفاوضات السياسية الجارية بين الأطراف اليمنية، والتي تهدف إلى تحقيق حل دائم للأزمة اليمنية.

شاركها.