فاجأت حركة متمردي إم23 الجميع بإعلان انسحابها المفاجئ من محادثات السلام المزمع إجراؤها في أنغولا، بعد أن أعربت في وقت سابق عن عزمها إرسال وفد للمشاركة في هذه المفاوضات.
جاء هذا التطور ليحبط الآمال في إمكانية التوصل إلى حل سلمي للصراع المستمر في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، الذي أسفر عن مئات الآلاف من النازحين والضحايا ويتورط فيه العديد من الأطراف.
وبعد أن كانت الحركة قد أعلنت استعدادها للمشاركة في المحادثات، فاجأت الجميع بتراجعها المفاجئ مبررة ذلك بتصاعد الضغوط العسكرية في المنطقة، فضلاً عن التوترات السياسية التي تعوق عملية السلام، حسب قولها.
وفي بيان رسمي، أكدت إم23 رفضها المشاركة في الوقت الراهن، مشيرة إلى ضرورة المزيد من التحضيرات بسبب التغيرات الكبيرة في الوضع على الأرض.
أسباب المقاطعة
على الرغم من الدعوات الدولية لإنهاء العنف، يشعر المتمردون بأن هناك غيابا للثقة في الوساطة الدولية، وبالتحديد في قدرة حكومة أنغولا والجهات الدولية الأخرى على ضمان تنفيذ أي اتفاقات يتم التوصل إليها.
وتزداد المخاوف لدى الحركة من أن المفاوضات قد تؤدي إلى تجاهل مطالبهم الرئيسية المتعلقة بالتمثيل السياسي والحقوق الأمنية في المنطقة.
عقوبات أوروبية
في خطوة تصعيدية أخرى، أعلن الاتحاد الأوروبي أمس فرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات متورطة في النزاع القائم في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وتشمل العقوبات شخصيات سياسية وعسكرية يُعتقد بأنها تدعم الجماعات المسلحة، بجانب قيادات في الحركة نفسها.
تأتي هذه العقوبات في إطار جهود الاتحاد الأوروبي لتكثيف الضغط على الأطراف المعنية لإلزامهم بالجلوس إلى طاولة المفاوضات والالتزام بالهدنة.
وفي هذا السياق، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه من أن التأخير في التوصل إلى تسوية سياسية قد يزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني في المنطقة.
الوساطة الأنغولية
في الوقت نفسه، أكدت الحكومة الكونغولية استعدادها للمشاركة في المحادثات تحت رعاية أنغولا، التي تُعد إحدى القوى الإقليمية المؤثرة في أفريقيا.
وفي بيان مشترك بين الكونغو الديمقراطية ومتمردي إم23، تم التأكيد على أن الأطراف المعنية قد اتفقت على ضرورة الحوار المباشر للوصول إلى حل سياسي.
تعد هذه المفاوضات فرصة نادرة لوقف الاقتتال المستمر، ولكن هناك شكوكا حول قدرتها على معالجة الجذور العميقة للصراع المستمر منذ عقود.
أثر النزاع على المدنيين
يظل المدنيون في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية هم أكبر ضحايا هذا الصراع، إذ تشير التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 5 ملايين شخص قد نزحوا بسبب القتال، فيما يعاني السكان من قلة الغذاء والموارد الأساسية، مما يعمق الأزمة الإنسانية في المنطقة.
هل يمكن للسلام أن يتحقق؟
رغم العقوبات والضغوط الدولية، يبقى التساؤل قائمًا حول قدرة المفاوضات المزمع إجراؤها في أنغولا على تحقيق السلام المستدام.
ويشير الخبراء إلى أن تحقيق السلام الدائم يتطلب أكثر من مجرد اتفاقات دبلوماسية، بل يتطلب إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف المعنية.
كما أن حل الأزمة يحتاج إلى معالجة القضايا الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى اندلاع الصراع في المقام الأول.
ويطالب المجتمع الدولي باستمرار بوقف إطلاق النار واستئناف المساعدات الإنسانية في المناطق المتأثرة، ويأمل في أن تسهم أي مفاوضات في إنهاء المعاناة المستمرة وتحقيق السلام في هذه المنطقة.