ما زال دور العوامل النفسية في تفاقم أعراض التهاب الأمعاء موضع نقاش، حيث كشف بحث جديد عن أهمية فهم معالجة الألم العاطفية لدى المرضى. تشير النتائج إلى أن الخوف من الألم يلعب دوراً أكبر في استمرار الإزعاج المصاحب لهذه الأمراض لدى المصابين به مقارنة بالأشخاص الأصحاء. هذا الفهم المتزايد قد يمهد الطريق لعلاجات أكثر شمولية وفعالية.

يُعدّ التهاب الأمعاء مصطلحًا شاملاً لمجموعة من الاضطرابات التي تسبب التهابًا مزمنًا في الجهاز الهضمي. وتشمل أكثر الحالات شيوعًا التهاب القولون التقرحي وداء كرون، وكلاهما يتميز بأعراض مثل آلام البطن والإسهال والنزيف والإنهاك وفقدان الوزن، وفقًا لمراكز مايو كلينيك. يمكن أن تتراوح شدة هذه الأعراض بشكل كبير من شخص لآخر.

فهم العلاقة بين المشاعر والتهاب الأمعاء

لطالما اعتبر التهاب الأمعاء مرضًا جسديًا في المقام الأول، مع تركيز العلاج على تقليل الالتهاب وعلاج الأعراض الهضمية. ومع ذلك، تشير الأبحاث المتزايدة إلى وجود ارتباط قوي بين الصحة العاطفية والأعراض الجسدية التي يعاني منها مرضى التهاب الأمعاء.

وفقًا للدكتورة هانا أولمان من مركز علم النفس الطبي وعلم الأعصاب الانتقالي في جامعة روهر بوخوم في ألمانيا، “حقيقة أن مرضى التهاب الأمعاء يعانون غالبًا من ألم في البطن حتى خلال فترات هدوء المرض تشير إلى أن آليات أخرى غير العمليات الالتهابية الحادة تساهم في استمرار الألم.” وتضيف أن المعالجة العاطفية للألم قد تتغير لدى هؤلاء المرضى.

يلعب الخوف دوراً كبيراً في هذه العملية. عندما يشعر الشخص بألم في البطن، يتعلم ربط هذا الألم بمحفزات معينة، ويبدأ في تجنبها. هذه الاستجابة طبيعية، لكنها قد تصبح ضارة إذا كانت مفرطة.

الخوف المرتبط بالألم

أظهرت دراسة حديثة شملت 43 مشاركًا – 21 منهم مصابون بالتهاب القولون التقرحي و 22 شخصًا سليمًا – أن مرضى التهاب الأمعاء يميلون إلى اكتساب الخوف المرتبط بالألم بشكل أقوى من الأفراد الأصحاء. تم ربط رمز معين بتسخين مؤلم في البطن، ثم تم اختبار استجابات المشاركين لهذا الرمز حتى في غياب الألم الفعلي.

وتبين أن المرضى الذين يعانون من التهاب الأمعاء وصفوا الألم بأنه أكثر إزعاجًا وشدة عند إعادة التعرض له، مقارنة بالمجموعة الضابطة.

وكشفت التحليلات أن تعلم الخوف هو الذي أثر بشكل كبير على الإزعاج الذي شعر به المرضى، في حين أن تأثيره على شدة الألم كان أقل مباشرة. “من المثير للاهتمام أن مرضى التهاب الأمعاء لم يكتسبوا خوفًا أكبر من الألم في البداية، بل كان الاختلاف في كيفية ارتباط الخوف بإدراك الألم هو ما ميزهم”، توضح أولمان.

الآثار المترتبة على العلاج و مستقبل البحوث

تؤكد هذه النتائج على أهمية النظر إلى الجانب النفسي في علاج التهاب الأمعاء. في حين أن العلاجات التقليدية تركز على السيطرة على الالتهاب باستخدام الأدوية، قد يكون من المفيد أيضًا إضافة تدخلات تستهدف معالجة الخوف والتجنب. تتضمن خيارات العلاج المحتملة العلاج السلوكي المعرفي، وتقنيات الاسترخاء، والعلاج بالتعرض.

الأمعاء ليست مجرد جهاز هضمي بل هي مرتبطة بشكل وثيق بالدماغ من خلال ما يسمى “محور الأمعاء والدماغ”. يؤثر هذا المحور على المزاج والسلوك والصحة العقلية بشكل عام. تعتبر متلازمة القولون العصبي (IBS) مثالاً آخر على كيفية تأثير العوامل النفسية على وظيفة الجهاز الهضمي.

الخطوة التالية في هذا المجال من البحث هي إجراء دراسات سريرية واسعة النطاق لتقييم فعالية العلاجات النفسية المصممة خصيصًا لمرضى التهاب الأمعاء الذين يعانون من ألم مزمن. من المتوقع أن يتم نشر نتائج هذه الدراسات في غضون السنوات الثلاث المقبلة، مما قد يوفر إرشادات أكثر تفصيلاً حول كيفية تحسين رعاية هؤلاء المرضى. هناك أيضًا حاجة إلى مزيد من البحث لفهم التغيرات العصبية التي تحدث في أدمغة مرضى التهاب الأمعاء وكيف تساهم في معالجة الألم المتغيرة.

شاركها.