17/8/2025–|آخر تحديث: 21:31 (توقيت مكة)
“خطيبان على منبر واحد”، مشهد غير مألوف أشعل تفاعلا واسعا على المنصات السورية، بعد تداول مقطع مصور قيل إنه يوثق خطيبين يقفان جنبا إلى جنب على منبر أحد مساجد مدينة حماة خلال خطبة الجمعة.
المنشورات المتداولة ذهبت إلى أن المشهد جاء احتجاجا على قرارات حكومية وتعيينات جديدة أصدرتها وزارة الأوقاف السورية، بعد عزل أحد الخطباء وتعيين آخر مكانه، ليتشارك الاثنان المنبر في خطوة غير مسبوقة.
لكن فريق “الجزيرة تحقق” تتبع خيوط القصة، باحثا في خلفية المقطع وحقيقته، لكشف ما إذا كانت الرواية صحيحة فعلا أم إن وراءها سياقا مختلفا.
الرواية المنتشرة
الفيديو المتداول انتشر خلال الأيام الماضية على منصات التواصل، وأرفقت معه روايات تزعم أن وزارة الأوقاف السورية عزلت أحد الخطباء وعينت آخر مكانه، لكن الأول رفض القرار وأصر على إلقاء الخطبة بالتوازي مع زميله الجديد، ليجتمعا معا في مشهد وصف بأنه غير مسبوق.
المقطع حصد تفاعلا واسعا، وتداولته حسابات محلية وإقليمية تحت عناوين مثيرة مثل: “ظاهرة غريبة في أحد مساجد حماة.. خطيب معزول وآخر معين يلقيان الخطبة معا”.
وذهب بعض المعلقين إلى القول إن ما حدث يعكس “تجاذبات سياسية ودينية” بعد اتهام السلطات بتعيين أئمة مقربين منها للترويج لخطاب متشدد.
في حادثة غريبة خطيبين في مسجد واحد😅 pic.twitter.com/DjyAMT2APE
— خالد العويمري (@xraykh_) August 11, 2025
غير أن إعادة انتشار الفيديو لم تكن عفوية، إذ أظهرت نتائج البحث أن المقاطع أعيد تدويرها بتاريخ 13 أغسطس/آب الجاري عبر حساب ساخر على منصة “إكس” يحمل اسم “فتّش بالممنوع”.
الحساب قدم القصة في قالب تهكمي، وكتب: “خطبة الجمعة في حماة تحولت إلى عرض ستاند أب دعوي.. خطيب معزول متمسك بالميكروفون كأنه إرث عائلي، وخطيب جديد أُرسل ليحل مكانه، فكانت النتيجة دويتو على المنبر: الأول يبدأ بـ’أما بعد’، والثاني يرد عليه بـ’وأما قبل’!”.
التعليق الساخر سرعان ما تفاعل معه مستخدمون ومدونون، فتوسع انتشار المقطع على أنه حدث واقعي في سوريا، من دون التحقق من أصله أو سياقه الحقيقي.
خطبة الجمعة في حماة تحولت فجأة إلى عرض “ستاند أب دعوي”!
خطيب معزول متمسك بالميكروفون وكأنه إرث عائلي، وخطيب جديد أُرسل ليحل مكانه، لكن يبدو أن دائرة الأوقاف نسيت أن تُبلّغ ego المعزول بالقرار. النتيجة؟ دويتو على المنبر… الأول يبدأ بـ”أما بعد”، والثاني يرد عليه بـ”وأما قبل”!… pic.twitter.com/CQYr2EtIyz— فتش بالممنوع (@digtheforbidden) August 13, 2025
التحقق من صحة الفيديو
أجرى فريق “الجزيرة تحقق” بحثا عكسيا للمقطع، وتبين أن السياق المتداول غير صحيح ومضلل، وأن المشهد ليس جديدا ولا يعود إلى مدينة حماة أصلا، بل إلى لبنان قبل 4 سنوات.
ونشر الفيديو أول مرة في أغسطس/آب 2020، عبر حسابات لبنانية توثق لحظة وقوف خطيبين على منبر مسجد الإيمان في مخيم الرشيدية بمدينة صور جنوب لبنان، حيث ألقى كلاهما الخطبة، ثم بدأ أحدهما الصلاة بينما استمر الآخر في الكلام، لسبب الادعاء نفسه وهو عزل وزارة الأوقاف لواحد منهما ورفض الإمام الثاني للقرار.
مشهد لن تراه بحياتك الا مرة واحدة ولا اظن هذا المشهد سيتكرر.. ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم
خطيبين بمسجد واحد في لبنان!
قامت دائرة الاوقاف بعزل الخطيب وأرسلت الجديد فرفض المعزول القرار وكانت النتيجة كما ترون!
الحادث بمسجد الايمان بمخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين بلبنان pic.twitter.com/O2PC9hyJdn— ali al mashhdani (@almashhdani) August 8, 2020