على الرغم من التفاؤل الذي ساد في بداية العام، شهد سوق العملات المشفرة في عام 2025 تقلبات حادة أثرت على أداء البيتكوين والإيثريوم وغيرها من الأصول الرقمية. يتساءل المستثمرون الآن عما إذا كان عام 2026 سيشهد استقرارًا أكبر في هذا السوق المتقلب. تشير التوقعات إلى تحول هيكلي في السوق مع دخول المؤسسات وزيادة استخدام العملات المستقرة، لكن التقلبات لا تزال تمثل تحديًا.
أشار كريستوفر بيركنز، رئيس “كوين فاند”، إلى أن أسعار البيتكوين قد تسجل مستويات قياسية جديدة في العام المقبل، معتبرًا أن عام 2025 شهد انتقالًا في طبيعة السوق من المستثمرين الأفراد إلى المؤسسات. هذا التحول، بحسب بيركنز، ليس مؤقتًا بل هو تغيير هيكلي مستمر سيؤثر على ديناميكيات السوق في المستقبل.
تقلبات سوق العملات المشفرة في 2025
وصف بيركنز عام 2025 بأنه “عام التناقضات”، حيث شهد السوق فترات من النمو القوي تلتها فترات من التراجع الحاد. ومع ذلك، فإن أبرز نتيجة لهذا العام كانت التغير في تركيبة المشاركين في السوق، مع زيادة دور المؤسسات الاستثمارية.
سجلت البيتكوين، العملة المشفرة الرائدة، مستوى قياسيًا تجاوز 126 ألف دولار قبل شهرين من الآن، لكنها تراجعت لاحقًا بنسبة 30%، وتواجه صعوبة في إيجاد مستويات دعم قوية. يعزى هذا التراجع بشكل رئيسي إلى استمرار المستثمرين القدامى في عمليات البيع، حيث تشير البيانات إلى أن العملات المحتفظ بها لفترات طويلة تُباع بوتيرة سريعة، مما يزيد من الضغط على السوق.
تأثير المستثمرين القدامى
تُظهر البيانات الحديثة أن حجم العملات المشفرة المحتفظ بها لفترات طويلة والتي يتم بيعها يتزايد بشكل ملحوظ، مما يشير إلى أن بعض المستثمرين القدامى يقومون بتحقيق الأرباح أو إعادة تقييم استثماراتهم. هذا التدفق المستمر للعملات إلى السوق يزيد من العرض ويضغط على الأسعار.
العملات المستقرة وتطبيقاتها في 2026
تطرق بيركنز إلى دور العملات المستقرة، مشيرًا إلى أن صدور “القانون العبقري” (Genius Act) في عام 2025 ساهم في توسيع نطاق استخدام هذه العملات. يتوقع أن تصل القيمة السوقية أو استخدامات العملات المستقرة إلى حوالي 600 مليار دولار في عام 2026. هذه العملات، المرتبطة عادة بالدولار الأمريكي، توفر ملاذًا آمنًا للمستثمرين في ظل تقلبات أسعار العملات المشفرة الأخرى.
تعتبر العملات المستقرة أدوات رقمية مصممة للحفاظ على قيمة ثابتة، على عكس التقلبات الكبيرة التي تشهدها البيتكوين وغيرها. وقد شهدت العديد من الدول، مثل سنغافورة وهونغ كونغ والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، إصدار تشريعات لتنظيم هذه العملات، إلا أن “قانون التوجيه وإرساء الابتكار الوطني للعملات المستقرة الأميركية” يمثل أهم تشريع نظرًا لأهمية السوق الأمريكية في هذا المجال.
تهيمن عملتا “يو إس دي تي” (USDT) التابعة لـ”تيثر” و”يو إس دي سي” (USDC) التابعة لشركة “سيركل” (Circle) على سوق العملات المستقرة، حيث تمثلان معًا أكثر من 80% من حجم التداول. هذا التركيز يثير بعض المخاوف بشأن المخاطر النظامية المحتملة.
استراتيجية الترهين (Tokenization)
أشار بيركنز أيضًا إلى استراتيجية الترهين، واصفًا إياها بأنها الفكرة الأبرز التي ستنتقل من عام 2025 إلى 2026. إن تحويل الأصول التقليدية إلى رموز رقمية يتيح إدارتها على مدار الساعة، مما يزيد من كفاءة الأسواق ويفتح فرصًا جديدة للمستثمرين.
ومع ذلك، شدد بيركنز على أن التقلبات ستظل سمة مميزة لسوق العملات الرقمية، حتى مع توسع المشاركة المؤسسية وزيادة التنظيم. يجب على المستثمرين أن يكونوا على دراية بالمخاطر المرتبطة بهذه الأصول وأن يتبنوا استراتيجيات إدارة المخاطر المناسبة.
في الختام، يتوقع خبراء السوق أن يشهد عام 2026 استمرار التحول الهيكلي في سوق العملات المشفرة، مع زيادة دور المؤسسات وتوسع استخدام العملات المستقرة. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح مدى قدرة السوق على التغلب على التقلبات المستمرة. من المتوقع أن تشكل التطورات التنظيمية في الولايات المتحدة، وخاصة فيما يتعلق بالعملات المستقرة، عاملاً حاسماً في تحديد مسار السوق في المستقبل القريب. يجب على المستثمرين مراقبة هذه التطورات عن كثب وتقييم المخاطر بعناية قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.






