يشكل الجبن جزءًا من العديد من الأنظمة الغذائية، وغالبًا ما يُنظر إليه على أنه مساهم في زيادة الوزن وارتفاع الكوليسترول، مما قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني والسكتة الدماغية. لكن هل هذا التصور دقيق؟ هذا ما سنسعى لتوضيحه في هذا المقال، مع استعراض فوائد ومخاطر تناول الجبن المختلفة.

تعتبر هذه الأطعمة المصنوعة من الحليب من الأطعمة الأساسية في العديد من الثقافات حول العالم، وتتراوح أنواعها من الأجبان الطرية مثل الفيتا إلى الأجبان الصلبة مثل الشيدر، مرورًا بالأجبان الزرقاء ذات النكهة القوية. السؤال المطروح هو: هل يمكن الاستمتاع بالجبن كجزء من نظام غذائي صحي، أم أنه بالفعل “قنبلة موقوتة” كما يخشى البعض؟

القيمة الغذائية للجبن وأنواعه

يحتوي الجبن على مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية المفيدة. فهو مصدر ممتاز للبروتين، الذي يلعب دورًا هامًا في بناء وإصلاح الأنسجة. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الجبن غنيًا بالكالسيوم والفوسفور وفيتامين ب 12 وفيتامين أ، وهي عناصر ضرورية لصحة العظام والجهاز العصبي. تشير بعض الدراسات إلى أن بعض أنواع الجبن التقليدية تحتوي على بكتيريا مفيدة تعزز صحة الأمعاء.

ومع ذلك، من المهم الاعتراف بأن الجبن يختلف في تركيبته الغذائية باختلاف نوعه. فالأجبان الصلبة عادة ما تحتوي على نسبة أعلى من الدهون والملح مقارنة بالأجبان الطرية. وبشكل عام، يُعتبر محتوى الدهون هو أكبر نقطة قلق لدى الكثيرين عند تناول الجبن.

التأثير المحتمل للدهون في الجبن على الصحة

على الرغم من الاعتقاد السائد، لم تجد الأبحاث العلمية صلة قاطعة بين تناول الجبن وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. بل على العكس، تشير بعض الدراسات إلى أن الجبن قد يكون له تأثير محايد أو حتى وقائي طفيف. يرجع ذلك جزئيًا إلى الطريقة التي يتعامل بها الجسم مع الدهون الموجودة في الجبن، والتي قد تختلف عن الدهون الموجودة في الأطعمة الأخرى.

يعتقد الخبراء أن مزيج العناصر الغذائية والكالسيوم ودهون الحليب الموجودة في الجبن قد يؤثر على كيفية امتصاص هذه الدهون ومعالجتها في الجسم. كما أن منتجات الألبان، بما في ذلك الجبن، قد تساهم في إنتاج نوع أقل ضررًا من الكوليسترول، وتساعد على رفع مستويات الكوليسترول الجيد.

أمثلة على أنواع الجبن وفوائدها

يبرز جبن الشيدر كأحد أفضل مصادر الكالسيوم، حيث يوفر حصة واحدة حوالي ثلث الاحتياجات اليومية للبالغين. وبفضل محتواه العالي من البروتين، يعتبر الشيدر خيارًا ممتازًا للأشخاص من جميع الأعمار. كما أن الشيدر الناضج يتمتع بنكهة أقوى ويمكن استخدامه بكميات أقل، بالإضافة إلى أنه يحتوي على كمية أقل من اللاكتوز، مما يجعله أسهل في الهضم بالنسبة لبعض الأشخاص.

أما جبن القريش، فهو يتميز بمحتواه العالي من البروتين، حيث يوفر 100 جرام منه حوالي 17 جرامًا من البروتين، وهو ما يعادل أكثر من ضعف كمية البروتين الموجودة في بيضة واحدة وثلاثة أضعاف الكمية الموجودة في الزبادي كامل الدسم. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر جبن القريش منخفض السعرات الحرارية نسبيًا.

تُعد الأجبان اليونانية مثل الفيتا والحلوم غنية بالبروتين، ولكنها تحتوي أيضًا على نسبة عالية من الملح. لذا، يُنصح بتناولها باعتدال.

وعلى النقيض، يعتبر الجبن الأزرق لذيذًا، ولكنه غني بالدهون المشبعة والملح، ويحتوي على كمية قليلة من البروتين. ومع ذلك، تشير بعض الأبحاث إلى أن الجبن الأزرق قد يحتوي على خصائص مضادة للالتهابات، وهو ما قد يفسر جزئيًا الصحة الجيدة التي يتمتع بها بعض سكان فرنسا على الرغم من اتباعهم نظامًا غذائيًا غنيًا بالدهون المشبعة.

الخلاصة والتوصيات

بشكل عام، يمكن أن يكون الجبن جزءًا من نظام غذائي صحي ومتوازن، شريطة تناوله باعتدال واختيار الأنواع التي تحتوي على نسبة أقل من الدهون والملح. تشير التوصيات الحالية إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد التأثيرات الدقيقة للدهون الموجودة في الجبن على الصحة. من المتوقع أن تظهر نتائج جديدة حول هذا الموضوع خلال الأشهر القليلة القادمة، مما قد يؤدي إلى تعديل التوصيات الغذائية المتعلقة بالجبن.

ينبغي على الأفراد الذين يعانون من حالات صحية معينة، مثل ارتفاع الكوليسترول أو ارتفاع ضغط الدم، استشارة الطبيب أو أخصائي التغذية لتحديد الكمية المناسبة من الجبن التي يمكنهم تضمينها في نظامهم الغذائي. بالإضافة إلى ذلك، يجب الانتباه إلى حجم الحصص وتجنب الإفراط في تناول الجبن.

شاركها.