أعلنت شركتا مايكروسوفت وإنفيديا عن استثمار مشترك يصل إلى 15 مليار دولار في شركة “أنثروبيك” المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون في مجال تطوير وتطبيق هذه التقنية. يأتي هذا الاستثمار مع التزام إضافي من “أنثروبيك” بإنفاق حوالي 30 مليار دولار على خدمات الحوسبة السحابية من مايكروسوفت “آزرو”. وقد أعلنت الشركتان هذا الاتفاق يوم الثلاثاء، مما يؤكد التنافس المتزايد في قطاع الذكاء الاصطناعي.

يأتي هذا التمويل الكبير في وقت تشهد فيه شركات الذكاء الاصطناعي سباقاً محمومًا لتطوير نماذج لغوية متقدمة، مثل نموذج “Claude” الذي تطوره “أنثروبيك”. ويعتبر هذا الاستثمار بمثابة دعم كبير لـ “أنثروبيك” لكي تتمكن من مواصلة أبحاثها وتطويراتها، وتوسيع نطاق خدماتها في هذا المجال الحيوي.

استثمار مايكروسوفت وإنفيديا في الذكاء الاصطناعي: نظرة عن كثب

هذا الاستثمار المشترك هو جزء من جولة تمويل أوسع لشركة “أنثروبيك”، ولم يتم الكشف عن التفاصيل الكاملة للجولة حتى الآن. تشير التقارير إلى أن هذا التمويل سيساعد “أنثروبيك” في بناء القدرات الحاسوبية اللازمة لتطوير وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، والتي تتطلب موارد ضخمة.

خلفية عن أنثروبيك

تأسست “أنثروبيك” على يد باحثين سابقين في شركة “أوبن إيه آي”، وتتبنى نهجًا يركز على السلامة والمسؤولية في تطوير الذكاء الاصطناعي. تهدف الشركة إلى بناء أنظمة ذكاء اصطناعي يمكن الوثوق بها، وتجنب المخاطر المحتملة المرتبطة بهذه التقنية، مثل التحيز وانتشار المعلومات المضللة.

بالإضافة إلى الاستثمار المباشر، يمثل التزام “أنثروبيك” بإنفاق 30 مليار دولار على خدمات “آزرو” صفقة كبيرة لمايكروسوفت، مما يعزز مكانتها كمزود رئيسي للبنية التحتية السحابية لشركات الذكاء الاصطناعي. وستوفر “آزرو” لـ “أنثروبيك” القدرة الحاسوبية اللازمة لتشغيل نماذجها وتوسيع نطاق عملياتها.

صفقات دائرية ومخاوف المستثمرين

تثير هذه الصفقات، التي تجمع بين شركات تطوير الذكاء الاصطناعي ومقدمي خدمات الحوسبة السحابية والرقائق، مخاوف متزايدة لدى المستثمرين بشأن ما يسمى بـ “الصفقات الدائرية”. يشعر البعض بأن هذه الصفقات قد تكون مؤشرًا على تقييمات مبالغ فيها وتضخم في قطاع الذكاء الاصطناعي.

ظهور هذه الصفقات يذكر البعض بفقاعة الإنترنت في أواخر التسعينيات، حيث ارتفعت أسعار الشركات التكنولوجية بشكل كبير دون مبرر. ومع ذلك، يرى آخرون أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي مبرر، نظرًا للإمكانات الهائلة لهذه التقنية في تغيير العديد من جوانب حياتنا واقتصادنا.

وقد انعكست هذه المخاوف على أسواق الأسهم يوم الثلاثاء، حيث انخفض سهم مايكروسوفت بنحو 3% وسهم إنفيديا بنسبة 1% تقريبًا، في ظل تراجع عام في السوق. يُظهر هذا التفاعل أن المستثمرين يراقبون عن كثب التطورات في هذا القطاع، ويتخذون مواقف حذرة.

تأثير التطورات على المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي

يعزز هذا التحالف بين مايكروسوفت وإنفيديا مكانة “أنثروبيك” كمنافس رئيسي لشركة “أوبن إيه آي”، المدعومة بقوة من جوجل. فقد كانت “أوبن إيه آي” رائدة في مجال نماذج اللغة الكبيرة، لكن “أنثروبيك” تتقدم بخطى ثابتة، وتسعى إلى تقديم بدائل آمنة وموثوقة.

يشهد قطاع تطبيقات الذكاء الاصطناعي منافسة شديدة، مع دخول المزيد من الشركات إلى هذا المجال. وتسعى الشركات إلى تطوير نماذج لغوية قادرة على فهم واستيعاب اللغة البشرية بشكل أفضل، وتقديم خدمات أكثر دقة وفائدة للمستخدمين.

بالإضافة إلى المنافسة على تطوير النماذج، هناك أيضًا منافسة على توفير البنية التحتية اللازمة لتشغيل هذه النماذج. وتستثمر شركات الحوسبة السحابية بشكل كبير في بناء مراكز بيانات ضخمة، وتوفير خدمات حوسبة متقدمة لشركات الذكاء الاصطناعي.

كما أن الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي يزداد بشكل كبير، حيث تسعى الشركات إلى تطوير نماذج قادرة على إنشاء محتوى جديد، مثل النصوص والصور ومقاطع الفيديو. تتمتع هذه النماذج بإمكانات هائلة في مجالات مثل التسويق والتعليم والترفيه.

يستمر هذا التمويل في إظهار الأهمية الاستراتيجية لشركات الرقائق مثل إنفيديا، حيث أن الطلب على وحدات معالجة الرسومات (GPUs) القوية ينمو بشكل كبير مع تطور الذكاء الاصطناعي. وتلعب إنفيديا دورًا حيويًا في توفير هذه الوحدات، وتلبية احتياجات شركات الذكاء الاصطناعي.

الخطوة التالية المتوقعة هي انتهاء جولة التمويل الكاملة لـ “أنثروبيك” والبدء في تنفيذ خططها التوسعية، بما في ذلك بناء المزيد من القدرات الحاسوبية وتوسيع فريق العمل. ومع ذلك، لا يزال هناك بعض الغموض بشأن التفاصيل النهائية للصفقة، وكيف ستؤثر على المنافسة في قطاع الذكاء الاصطناعي.

شاركها.