تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الكشف عن مشروع صيني سري يهدف إلى تطوير تقنيات تصنيع الرقائق، وتحديداً محاولة لتقليد الآلات المتطورة لشركة هولندية تحتكر تكنولوجيا “أشعة التصوير المتطرفة فوق البنفسجية” (EUV). وتعتبر هذه التكنولوجيا حيوية لإنتاج الرقائق المتقدمة، وهي ضرورية لصناعة الإلكترونيات الحديثة، بما في ذلك الهواتف الذكية والحواسيب وأنظمة الذكاء الاصطناعي.
تبيع الشركة الهولندية آلاتها المتقدمة فقط لأكبر شركات تصنيع الرقائق في العالم، مثل إنتل وسامسونغ، وذلك بسبب حساسية هذه الصناعة من الناحية الإستراتيجية. وتفرض الولايات المتحدة قيودًا صارمة على وصول الصين إلى هذه التكنولوجيا، وتتطلب أي معاملة بيع تراخيص حكومية غالبًا ما تُرفض، في إطار سعيها للحفاظ على تفوقها التكنولوجي.
تسريب تكنولوجيا الرقائق: “مشروع مانهاتن الصيني”
في مواجهة هذه القيود، أطلقت الصين مشروعًا طموحًا يُطلق عليه داخليًا اسم “مانهاتن الصيني”، في إشارة إلى مشروع مانهاتن الأمريكي السري لتطوير القنبلة الذرية خلال الحرب العالمية الثانية. يتركز هذا المشروع في مختبر سري بمدينة شنتشن جنوب البلاد، ويضم قاعة بحجم مصنع كامل.
تعتمد تكنولوجيا الشركة الهولندية على استخدام أشعة ضوء قوية للغاية لنقش الدوائر الدقيقة على رقائق الكمبيوتر. وتبلغ تكلفة هذه الآلات حوالي 380 مليون دولار أمريكي، مما يجعلها من أغلى المعدات الصناعية في العالم. وتشكل الرقائق أساسًا للعديد من التقنيات الحديثة، ولها تطبيقات مدنية وعسكرية وأمنية واسعة النطاق.
وقامت الصين بتجنيد مهندسين صينيين سابقين عملوا لدى الشركة الهولندية، وقدمت لهم حوافز مالية كبيرة، تصل إلى 700 ألف دولار أمريكي سنويًا، بالإضافة إلى توفير السكن المجاني والمزايا الأخرى، في محاولة لجذب أفضل الكفاءات التقنية.
ووفقًا لتقارير، فقد اتخذت الصين إجراءات أمنية مشددة حول المشروع، بما في ذلك تغيير الهويات الشخصية للمهندسين المشاركين، والتأكيد على أن العمل يمثل سرًا قوميًا بالغ الأهمية.
التحديات التقنية والحلول الصينية
واجه المهندسون الصينيون تحديات كبيرة في عملية التقليد، حيث يبلغ وزن الآلة الأصلية 180 طنًا. وقد اضطروا إلى تكبير حجم النسخة الصينية، مما جعلها بحجم صالة رياضية كبيرة. وتخضع النسخة المقلدة حاليًا لسلسلة من الاختبارات المكثفة.
بالإضافة إلى ذلك، استعانت الصين بآلات قديمة مستوردة سابقًا، وقامت بتحليلها ودراستها بعناية للتوصل إلى تصميم النسخة المقلدة. يعكس هذا النهج إستراتيجية بكين في الهندسة العكسية والاستفادة من جميع الموارد المتاحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال التكنولوجيا.
ردود الفعل والتداعيات المحتملة
انقسم المغردون حول إمكانية نجاح المشروع. ورأى البعض أن القدرات الهندسية الصينية تجعل المهمة ممكنة، مشيرين إلى العدد الكبير من مهندسي تقنيات المعلومات في الصين. في المقابل، أعرب آخرون عن شكوكهم في قدرة الصين على التغلب على الضغوط الأميركية المستمرة.
كما أثيرت تساؤلات حول كيفية السماح بتسريب تكنولوجيا بهذه الأهمية الإستراتيجية. وقالت الشركة الهولندية إنها كانت على علم بالمشروع، لكنها اعتقدت أنه معقد للغاية وسيستغرق سنوات عديدة لإكماله.
تشير مصادر صينية إلى أن المشروع قد يكتمل بين عامي 2028 و2030، وهو إطار زمني أقصر بكثير مما توقعته الشركة الهولندية. وتعتبر واشنطن الإجراءات الصينية في مجال تصنيع الرقائق غير عادلة وتهدف إلى الهيمنة على الصناعة.
مستقبل صناعة الرقائق والتوترات التكنولوجية
أعلنت الولايات المتحدة أنها ستراقب الوضع عن كثب لمدة 18 شهرًا قبل النظر في فرض رسوم جمركية أو اتخاذ إجراءات انتقامية أخرى. يهدف هذا التأخير إلى تقييم مدى تقدم المشروع الصيني وتحديد أفضل طريقة للرد. وتشكل هذه القضية جزءًا من التوترات التكنولوجية الأوسع نطاقًا بين الولايات المتحدة والصين، والتي تشمل قضايا مثل الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي.
من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة مزيدًا من المنافسة في مجال تصنيع الرقائق، حيث تسعى كل من الولايات المتحدة والصين إلى تعزيز قدراتهما التكنولوجية. وسيكون من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال، وتقييم تأثيرها على الاقتصاد العالمي والأمن القومي.






