7/8/2024–|آخر تحديث: 7/8/202401:53 ص (بتوقيت مكة المكرمة)
بعد نحو أسبوع على استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية فاجأت الحركة العالم باختيار يحيى السنوار خلفا للشهيد هنية.
فقد اعتبرت هيئة البث الإسرائيلية اختيار السنوار “رسالة لإسرائيل بأنه حي وأن قيادة حماس بغزة قوية وقائمة وستبقى”.
تعرف إسرائيل أن السنوار يعرفها أكثر مما تعرفه هي، وهو يحمل رمزية كبيرة في الوعي الإسرائيلي صنعته هي بنفسها، وفقا للدكتور مهند مصطفى الخبير في الشأن الإسرائيلي، فمنذ طوفان الأقصى خرج الكثيرون من رجال الأمن في إسرائيل للحديث عن السنوار وذكرياتهم معه.
كما أجمع كافة المتحدثين الإسرائيليين على أن السنوار “رجل ذكي جدا وصلب جدا والأهم من ذلك رجل يمتلك قدرات تنظيمية كبيرة جدا ويفهم الإسرائيليين”، ويضيف مصطفى متهكما أن كل مسؤول سابق “كان يريد أن يصبح مشهورا كان يخرج للإعلام ويقول إنه جلس مع السنوار”.
ويرى محللون أن الهدف من كل ذلك التوصيف وإضفاء هذه الهالة على الرجل هو تحقيق إسرائيل فيما لو نجحت في اغتياله انتصارا بأنها قضت على “الإرهاب” وتظهر للجمهور أنها انتصرت على “الشيطان والشبح”.
السنوار النواة الصلبة
لا يمكن في أي سياق فصل مسار الحرب على غزة وصمود المقاومة من اختيار الحركة للسنوار ليقود الحركة في هذه المرحلة السياسة والحيوية، سواء في تاريخ الحركة أو تاريخ الثورة الفلسطينية.
كما يأتي القرار كرسالة تحد لإسرائيل، بحسب محليين “فإذا كنتم اغتلتم الرجل الذي أسماه بعض ساستكم بالمعتدل فقد جئناكم بالرجل الأصعب في حماس والأكثر عنادا والأقسى مراسا والأكثر راديكالية”.
كما جاء قرار حماس ليدلل على أن التسلسل القيادي والقدرة التنظيمية تم استعادتها وبسرعة لافتة رغم الضرر التي سببه اغتيال هنية، ويأتي كرسالة صريحة بأن الحركة متماسكة وأنها قادرة على اختيار رئيس لمكتبها السياسي.
فحماس وفق نظامها الداخلي حركة شورية لديها 3 أقاليم، في الخارج يرأسه خالد مشعل وفي الضفة الغربية ويرأسه الشيخ الشهيد صالح العاروري وحل مكانه نائبه زاهر جبارين، وفي قطاع غزة ويرأسه السنوار.
ويرى محللون أن اختيار السنوار -الذي عجزت إسرائيل عن النيل منه- رسالة لها أن سياسة الضغط على القيادة باستهداف عائلات كما حدث مع هنية أو الضغط على الحركة باغتيال قادتها كما حدث مع هنية أيضا لن يفت من عضد الحركة، وها هو المطلوب الأول لتل أبيب الذي عجزت عن الوصول إليه خلال فترة الحرب يقود الحركة في أرض المعركة.
فقد اعتبر الباحث والمحلل السياسي ساري عرابي أن “اختيار السنوار يراد منه إشعار تل أبيب أن اغتيال هنية أحضر لرئاسة المكتب السياسي شخصا أقوى، وتعتبره تل أبيب عدوها الأول في حماس”.
ويرى الباحث سعيد زياد أن “اختيار السنوار اعتبر رسالة من الحركة أن غزة تقود المقاومة وأن حماس تقود المقاومة من غزة ومن النفق الذي يوجد به السنوار ويدير عملياته من خلاله”.
ويشير زياد إلى أن “إحدى رسائل الحركة أن أمانة قيادة المقاومة بيد غزة وأننا نضع الثقل العسكري والتنظيمي بيد غزة، وأن السنوار هو الأقدر على قيادة الحركة في أكبر معارك تاريخ الشعب الفلسطيني”.
استمرار نهج
ووفقا لما أعلنته حركة حماس، فإن عملية التفاوض على صفقة وقف إطلاق النار واتخاذ القرار كان السنوار حاضرا خلالها، كما أشارت الحركة إلى أن “الفريق الذي تابع المفاوضات خلال وجود الشهيد هنية سيتابعها خلال وجود السنوار”.
ولئن كانت العملية التفاوضية مهمة للحركة لوقف نزيف الدم الذي يقوم به الاحتلال للضغط على المقاومة من خلال قتل المدنيين، فإن المحلل العسكري جلال العبادي يرى أن “الزمن زمن البندقية وليس زمن التفاوض والحل الدبلوماسي وطوفان الأقصى معركة مصير وأول المعارك الحقيقية الفاصلة بيننا وبين إسرائيل”.
ويشير الباحث والمحلل السياسي ساري عرابي إلى أن من “يدرس خطابات السنوار سيدرك أن الرجل كان يملك رؤية وخطة وعزيمة وإصرارا لتنفيذ عملية استثنائية تقلب الموقف الإستراتيجي على المستوى الفلسطيني والإقليمي والعالمي”، ويقصد بذلك معركة طوفان الأقصى.
وهذا ما دفع الباحث سعيد زياد إلى القول إن السنوار “بشدة ذكائه قادر على شق مسارات إستراتيجية كبرى لم يعهدها المجتمع الغزي أو المجتمع الفلسطيني”، مشيرا إلى أن السنوار “بنى قلعة مقاومة في غزة إلا أنه استطاع نقل الصراع إلى مربع مختلف تماما، حيث استطاع توظيف القوة في لحظة فارقة في مكمن ضعف عند العدو واستطاع الوصول إلى معركة طوفان الأقصى”.
ولإدراك ما صنعه السنوار ورفاقه يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وإطلاق معركة طوفان الأقصى فقد قال محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” آفي يسخاروف إن حركة حماس اختارت “أخطر شخص لقيادتها”، وهو ما يدلل على أثر طوفان الأقصى على إسرائيل والمنطقة.