اختُتم أسبوع من التقلبات في وول ستريت بنتيجة إيجابية، إذ ارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية بعد تصريحات للرئيس دونالد ترمب هدّأت القلق حيال التوترات التجارية مع الصين، بينما تعافت البنوك الإقليمية. في المقابل، تراجعت السندات والذهب والفضة.
ودفعت موجة الصعود مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” (S&P 500) إلى تسجيل أفضل أسبوع له منذ أغسطس، بعد أن أعرب ترمب عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع المسؤولين الصينيين لإنهاء الخلاف التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم. وساعدت نتائج قوية من عدد من البنوك الإقليمية في دعم القطاع بعد موجة بيع حادة بسبب القلق من جودة الائتمان في الاقتصاد الأميركي.
ترمب يطمئن الأسواق
أشار البيت الأبيض إلى جهود لتهدئة المخاوف من حرب تجارية شاملة قد تهز الاقتصاد العالمي. وقال ترمب: “أعتقد أننا نقوم بعمل جيد للغاية، وأعتقد أننا نتفاهم مع الصين”، مضيفاً أنه يتوقع عقد اجتماعه المخطط مع الرئيس شي جين بينغ هذا الشهر.
ترمب: الرسوم الأميركية المرتفعة على الصين لن تستمر
وقال كيث ليرنر من شركة “ترويست أدفايزوري سيرفيسز” (Truist Advisory Services): “شهد شهر أكتوبر زيادة مقلقة في تقلبات الأسواق. وبعد موجة صعود طويلة وارتفاع في معنويات المستثمرين، أصبحت الأسواق عرضة للمفاجآت السلبية. نرى أن أي تراجعات أعمق تمثل فرصة للشراء، إذ لا تزال السوق الصاعدة تستحق الثقة”.
مكاسب للأسهم وتراجع الملاذات الآمنة
ارتفع مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” بنسبة 0.5%، فيما صعد صندوق المؤشرات الخاص بالبنوك الإقليمية 1.6%. وقفزت أسهم “زيونس بانكورب” (Zions Bancorp) و”ويسترن أليانس بانكورب” (Western Alliance Bancorp) بأكثر من 3.1% بعد موجة بيع حادة في الجلسات السابقة. في المقابل، تراجع سهم “أوراكل كورب” (Oracle Corp) بنحو 7% بسبب مخاوف تتعلق بتلبية الطلب على خدمات الذكاء الاصطناعي السحابية.
ارتفعت عوائد سندات الخزانة لأجل عامين من أدنى مستوياتها منذ 2022، بينما ظل مؤشر الدولار شبه مستقر في ختام أسوأ أسبوع له منذ أغسطس.
محاولات استعادة الثقة في البنوك الإقليمية
سعى مسؤولو البنوك الإقليمية إلى تهدئة المستثمرين يوم الجمعة، بعد أعنف موجة بيع منذ 6 شهور أعقبت الكشف عن شطب قروض جديدة مرتبطة بعمليات احتيال. وأظهرت نتائج الربع الثالث الصادرة عن عدد من البنوك مخصصات خسائر ائتمان أقل من المتوقع.
إفلاس شركة تمويل سيارات يدفع بنك “فيفث ثيرد” الأميركي لفحص ضماناته الائتمانية
ورغم حالة عدم اليقين، شهدت الأسهم تدفقات قوية هذا الأسبوع، إذ جذبت صناديق الأسهم نحو 28.1 مليار دولار، بينما سجّلت صناديق النقد تدفقات خارجة بلغت 24.6 مليار دولار، بحسب بيانات بنك أوف أميركا استناداً إلى “EPFR Global”.
بيانات اقتصادية محدودة بسبب الإغلاق الحكومي
من بين العوامل الأخرى التي أربكت المتداولين في الأيام الأخيرة، الإغلاق الحكومي الأميركي الذي جمّد إصدار عدد من البيانات الاقتصادية الرئيسية.
وأظهرت تحليلات لطلبات إعانة البطالة على مستوى الولايات –التي نُشرت خلال فترة الإغلاق الفيدرالي– انخفاض الطلبات الأسبوع الماضي.
تراجعت الطلبات الأولية إلى نحو 215 ألفاً خلال الأسبوع المنتهي في 11 أكتوبر، من نحو 234 ألفاً في الأسبوع السابق، وفق تحليل بلومبرغ نيوز للبيانات. كما رأى اقتصاديون في “غولدمان ساكس” انخفاضاً مماثلاً، مقدّرين عدد الطلبات الأولية بنحو 217 ألفاً الأسبوع الماضي.
تصريحات مسؤولي الفيدرالي
رغم غياب مؤشرات تُشير إلى حلّ وشيك لأزمة الإغلاق الحكومي، فإن التصريحات الأخيرة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي دفعت المستثمرين إلى زيادة تعرضهم للمراكز التي ستستفيد من السياسة النقدية التيسيرية.
قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، ألبرتو مسلم، إنه يمكنه دعم خفض إضافي للفائدة من أجل تعزيز سوق العمل المتباطئة، لكنه شدّد على وجوب اتخاذ القرارات اجتماعاً تلو آخر نظراً لحالة عدم اليقين الاقتصادي.
هذه توقعات الفائدة في البنوك المركزية الكبرى قبل نهاية 2025
محللو “مورغان ستانلي” بقيادة مايكل غابين كتبوا في مذكرة: “يبدو أن غياب البيانات الاقتصادية لا يمثل مشكلة للفيدرالي، ونتوقع خفضاً جديداً بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع أكتوبر”.
وفي نظرة مستقبلية، توقع استراتيجيون في “تي دي سيكيوريتيز” (TD Securities) أن يُظهر مؤشر أسعار المستهلكين لشهر سبتمبر –المقرر صدوره في 24 أكتوبر– أن التضخم الأساسي فقد بعض الزخم، إذ إن تباطؤ أسعار الخدمات، بقيادة الإسكان، سيعوض على الأرجح تسارع تضخم السلع نتيجة تمرير الرسوم الجمركية.
تفاؤل مدعوم بأرباح الشركات والسياسات التيسيرية
قال نيكولاس بونسّاك من “ستراتيجاس” (Strategas): “ما زالت هناك أسباب كثيرة للتفاؤل بشأن السوق. ربما أهمها أن أرباح الشركات تواصل الأداء وفق التقديرات، التي جرى تعديلها بالزيادة بسخاء بعد التعافي الذي أعقب يوم التحرير”.
أولريكه هوفمان-بورشارد من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت” (UBS Global Wealth Management) قالت: “على الرغم من أن السوق الصاعدة تدخل عامها الرابع الآن، فإننا نعتقد أن أمامها مزيداً من الزخم”.
وأضافت أن مؤسستها رفعت تقييمها للأسهم إلى فئة “جذابة” هذا الشهر، مشيرة إلى الدعم القادم من زخم الذكاء الاصطناعي، والسياسة النقدية الداعمة من الفيدرالي، وتحسّن آفاق النمو في الولايات المتحدة.
وقالت: “ينبغي على المستثمرين مراجعة مخصصاتهم الحالية للأسهم والتأكد من أنها متماشية –أو أعلى قليلاً– من الأهداف الاستراتيجية طويلة الأجل. وإذا كانت المخصصات أقل من المستويات المستهدفة، فنعتقد أنه ينبغي إعادة توجيه الفائض من النقد أو السندات أو أدوات الدين مرتفعة العائد نحو الأسهم”.
وفي الوقت نفسه، قال ريك ووستر، الرئيس التنفيذي لشركة “تشارلز شواب كورب”، في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ يوم الجمعة: “عملاؤنا يتداولون أكثر عندما ترتفع التقلبات، ويميلون إلى التصرف بعكس الاتجاه السائد. خلال الأسابيع الماضية، كانوا يشترون عند الانخفاض ويبيعون عند الارتفاع”.