قالت مؤسسة بيل وميليندا غيتس، يوم الخميس، إن تراجع المساعدات الدولية قد يؤدي إلى ارتفاع في معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة هذا العام. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 200 ألف طفل إضافي قد يموتون قبل بلوغهم الخامسة، مما يعكس تراجعًا مقلقًا في التقدم الذي تحقق على مدى عقود في مجال صحة الأطفال، وتحديداً في خفض وفيات الأطفال.

يأتي هذا التحذير في تقرير مؤسسة غيتس السنوي، والذي يتتبع التقدم المحرز نحو أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ويركز بشكل خاص على الصحة العالمية. ويُظهر التقرير أن هذا الارتفاع المتوقع في حالات الوفاة يُمثل انعكاسًا سلبيًا، ويُهدد بإلغاء المكاسب الكبيرة التي تحققت منذ عام 2000، حيث انخفضت وفيات الأطفال بشكل ملحوظ.

تخفيضات المساعدات لم تتوقف على واشنطن

يتتبع التقرير التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة المتعلقة بالحد من الفقر وتحسين الصحة. وقد تأخر إصدار التقرير هذا العام بشكل غير معتاد، بسبب حالة عدم اليقين التي تسود حول مستويات تمويل الصحة العالمية المستقبلي.

بدأت عمليات خفض المساعدات الدولية في وقت سابق من العام الحالي في الولايات المتحدة، لكنها سرعان ما امتدت لتشمل دولًا مانحة رئيسية أخرى، مثل المملكة المتحدة وألمانيا. ووفقًا للتقرير، انخفضت المساعدات الإنمائية العالمية المخصصة للصحة بنسبة تقدر بأقل من 27% هذا العام مقارنة بالعام الماضي.

وتعتبر هذه التخفيضات عاملاً رئيسياً في تراجع التقدم المحرز في خفض وفيات الأطفال. بالإضافة إلى ذلك، يشير التقرير إلى أن تزايد الديون العالمية، وهشاشة الأنظمة الصحية في العديد من الدول النامية، تساهم أيضًا في هذا الوضع.

إذا استمرت هذه الاتجاهات في خفض التمويل، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة في عدد الوفيات بين الأطفال تتراوح بين 12 و 16 مليون حالة بحلول عام 2045. ويعتمد هذا الرقم بشكل كبير على مستويات التمويل المستقبلية، مما يؤكد أهمية الحفاظ على الدعم المالي للبرامج الصحية.

تأثير الديون المتزايدة

يشير التقرير إلى أن الأزمات الاقتصادية والديون المتزايدة في العديد من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تضع ضغوطًا هائلة على ميزانيات الرعاية الصحية الوطنية. ونتيجة لذلك، قد تجد الحكومات صعوبة في تمويل البرامج الأساسية، مثل التطعيم والرعاية الصحية الأولية، مما يؤدي إلى تفاقم الوضع الصحي للأطفال.

أهمية الاستثمار في الرعاية الصحية الأولية

في المقابل، يؤكد التقرير على أهمية الاستثمار في الرعاية الصحية الأولية كأحد أكثر الطرق فعالية من حيث التكلفة لتحسين صحة الأطفال. وتتضمن الرعاية الصحية الأولية مجموعة واسعة من الخدمات، مثل الفحوصات المنتظمة والتطعيمات وعلاج الأمراض الشائعة، والتي يمكن أن تساعد في الوقاية من الوفاة وإنقاذ الأرواح.

وحث بيل غيتس الحكومات والأفراد على تكثيف جهودهم في مجال صحة الطفل، مع التركيز على الابتكارات الجديدة والحلول المثبتة الفعالية. وأكد على أهمية إعطاء الأولوية للخدمات الصحية التي تصل إلى المجتمعات الأكثر ضعفًا، وضمان حصول جميع الأطفال على الرعاية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة والازدهار. وتظل صحة الطفل أولوية عالمية، ويتطلب تحقيقها تضافر الجهود الدولية.

ومن المتوقع أن يصدر تقرير مراجع في بداية عام 2026، وقد يتضمن بيانات محدثة حول التمويل العالمي للصحة وتأثيره على معدلات وفيات الأطفال. وسيراقب المراقبون عن كثب أي تحولات في سياسات المساعدات الدولية، وأي تطورات جديدة في مجال صحة الأطفال، لتقييم المسار المستقبلي لهذا التحدي العالمي. كما سيتم التركيز على مبادرات الرعاية الصحية الجديدة وتأثيرها المحتمل في خفض الوفيات.

شاركها.