في مشهد أشبه بالجحيم، عاش قطاع غزة فجر اليوم الثلاثاء واحدة من أكثر الليالي دموية منذ بداية العدوان بفعل شنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات عنيفة هي الأعنف منذ توقف القصف قبل نحو شهرين، وسط دمار هائل ومشاهد مأساوية تُعيد إلى الأذهان الأيام الأولى للعدوان، مما أسفر حتى الآن عن أكثر من 400 شهيد ومئات المصابين.

وانطلق العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بعد ساعات من هجوم طوفان الأقصى الذي شنته المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، واستمر 15 شهرا قبل أن يتوقف ابتداء من 19 يناير/كانون الثاني الماضي تطبيقا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة أميركية قطرية مصرية.

وتداول نشطاء وصحفيون عبر منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصورًا توثق حجم المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال خلال الساعات الماضية، حيث شنت عشرات الطائرات غارات مكثفة على مختلف مناطق القطاع، مخلفةً دمارا هائلًا وأعدادا كبيرة من الشهداء والجرحى.

كارثة إنسانية وصمت دولي

وتعليقا على هذا التطور، وصف الناشط خالد صافي العدوان الإسرائيلي على غزة بالوحشي، مؤكدًا تصاعد القصف العشوائي الذي يستهدف المدنيين العزل، في ظل امتلاء الشوارع بالجثث والمستشفيات التي لم تعد تستوعب المزيد.

وأشار إلى استخدام الاحتلال قنابل أميركية الصنع ضد الأبرياء، وبينما يلتزم العالم الصمت، تصدر إسرائيل أوامر إخلاء لفرض النزوح القسري وتهجير السكان من مناطقهم.

وأشار محمد الدلو، أحد الناشطين على منصة “إكس”، إلى أن أعدادًا كبيرة من الشهداء لا تزال تحت أنقاض المنازل المدمرة، مع غياب المعدات اللازمة لانتشالهم، مما يزيد من حجم الكارثة.

في حين وصف الناشط تامر المشهد بقوله “مجازر مروعة ارتُكبت في الظلام، أُبيدت عائلات كاملة في منازلها، وداخل الخيام، وفي مراكز الإيواء. امتلأت ثلاجات الموتى، وحتى ممرات المستشفيات لم تعد تستوعب المزيد. غزة تحولت إلى جحيم، يتصاعد منه الدخان وتفوح منه رائحة الموت من كل مكان”.

وعلق آخرون على مشهد القصف العنيف بالقول “عاد الإجرام الإسرائيلي إلى غزة بشكل أعنف من ذي قبل. الحرب في بدايتها كانت كارثية، لكنها الآن أشد وأقسى”.

مجازر إسرائيلية متجددة

وأضاف مغردون “المشاهد تتكرر، أطفال ونساء يقتلون، مدنيون يُستهدفون. عادت حرب الإبادة على غزة بشراسة، مستعيدة مشاهد الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي، حيث تتكدس جثث وأشلاء الأطفال تحت أنقاض المنازل المدمرة”.

وتساءل آخرون “إلى متى يظل هذا العالم المنافق يراقب المجازر دون أن يتحرك؟ إلى متى تُترك غزة وحدها تصارع الموت بوسائل بدائية، وتُحرم من شربة ماء، بينما تملأ الأسلحة الحديثة مخازن الاحتلال؟”.

وعلق مدوّنون بالقول “ليس عدوًا محتلًا مجرمًا وحسب، إنه لئيم خبيث غادر. بلا مقدمات ولا إنذارات، انقضّ بطائراته بعشرات الغارات على مساكن وخيام الأبرياء المحاصرين وهم يتسحرون بما لديهم أو نيام”.

وأشار ناشطون إلى أن الحرب اندلعت مجددًا، حيث تدوي أصوات سيارات الإسعاف في أرجاء قطاع غزة مختلطةً بهتافات الاستغاثة والصراخ الذي لا ينقطع. الدماء تُسفك، والوجوه يكسوها الألم، والجرحى يتناثرون في كل مكان، بينما يزداد المشهد مأساوية مع مرور كل لحظة.

استئناف القصف

واستأنفت إسرائيل فجر اليوم الثلاثاء عدوانها على قطاع غزة بسلسلة من الغارات العنيفة التي أسفرت عن مئات الشهداء ومئات المصابين.

ومطلع مارس/آذار الجاري انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، التي استمرت 42 يوما، في حين تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب التي راح ضحيتها أكثر من 40 ألف شهيد منذ بداية العدوان في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

شاركها.