أثار إعلان الجيش الصيني عن تطوير طلاء جديد بتقنية متطورة، قادر على إخفاء الطائرات الحربية عن الرادار، جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي وبين المراقبين العسكريين. يعتمد هذا الابتكار على استخدام “نبتة الليفة” لإنتاج مادة تمتص الموجات الكهرومغناطيسية بنسبة تصل إلى 99.99%، مما يقلل بشكل كبير من القدرة على اكتشاف الطائرات، ويعد هذا الطلاء تطوراً ملحوظاً في مجال التخفي الراداري.
أعلنت وزارة الدفاع الصينية يوم الإثنين، الموافق 3 ديسمبر 2025، عن نجاحها في تطوير هذا الطلاء، مشيرةً إلى أنه يمثل تقدماً كبيراً في القدرات التكنولوجية العسكرية للبلاد. ويأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وتزايد التركيز على تطوير أنظمة الأسلحة المتقدمة. وتشير التقارير إلى أن هذا الابتكار قد يغير ميزان القوى في مجال الطيران العسكري.
تقنية الطلاء المبتكر وأساسها العلمي
يعتمد الطلاء الجديد على استخلاص الكربون من نبتة الليفة بعد معالجتها حرارياً، وهو مادة معروفة بخصائصها الامتصاصية للموجات الكهرومغناطيسية. بالإضافة إلى ذلك، يشتمل الطلاء على جسيمات من “النيكل كوبالت” المغناطيسية لتعزيز قدرة الامتصاص. ويتم طحن هذه المكونات وتحويلها إلى بودرة دقيقة تضاف إلى الطلاء الأساسي.
وفقًا للباحثين الصينيين، فإن هذا الطلاء قادر على تقليل الإشارة الرادارية المنعكسة من الطائرة بنسبة تصل إلى 700 مرة. بمعنى آخر، طائرة ذات مقطع عرضي راداري يبلغ 50 مترًا مربعًا قد تظهر بحجم أقل من متر مربع واحد بعد تطبيق الطلاء. هذا يجعل اكتشافها بواسطة الرادارات الحديثة أكثر صعوبة بالغة.
مزايا الطلاء الجديد مقارنة بالتقنيات الحالية
يتميز هذا الطلاء الجديد بخفة وزنه الشديد، مما لا يؤثر على أداء الطائرة أو قدرتها على المناورة. على عكس الطلاءات التقليدية المستخدمة في الطائرات الشبحية، والتي قد تشكل عبئًا إضافيًا على وزنها. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر هذا الطلاء أرخص بكثير وأسهل في الإنتاج بكميات كبيرة مقارنة بالمواد المستخدمة حاليًا، مثل البوليمرات والجسيمات المغناطيسية باهظة الثمن.
يُعد طلاء التخفي “رام” الذي تستخدمه الولايات المتحدة على طائراتها الشبحية من أغلى المواد العسكرية في العالم، حيث يمكن أن تكلف إعادة طلاء طائرة “إف 22” الملايين من الدولارات. في المقابل، يوفر الطلاء الصيني بديلاً فعالاً من حيث التكلفة، مما يجعله خيارًا جذابًا للجيش الصيني وللدول الأخرى المهتمة بتطوير قدراتها في مجال التخفي الراداري.
ردود الفعل والانعكاسات المحتملة
أثار الإعلان عن هذا الطلاء ردود فعل متباينة على منصات التواصل الاجتماعي. أعرب البعض عن إعجابهم بالتفوق التكنولوجي الصيني، بينما أعرب آخرون عن قلقهم بشأن التداعيات المحتملة لهذا التطور على الاستقرار العالمي. وتداول مغردون آراءً حول إمكانية استخدام هذا الطلاء على أحدث المقاتلات الصينية، مثل طائرات “الجي 36” قيد التطوير.
يرى بعض المحللين أن هذا الابتكار قد يشكل تحديًا للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، اللذين يعتمدان بشكل كبير على الرادارات المتطورة، بما في ذلك رادارات النطاق “كيه يو” التي تعمل بترددات بين 12 و18 غيغاهرتزا، للكشف عن الطائرات المعادية.
في حين أن فكرة المواد الشبحية ليست جديدة، حيث استخدمت الولايات المتحدة هذه التقنيات لسنوات، إلا أن الابتكار الصيني يكمن في استخدام مواد طبيعية ورخيصة الثمن لإنتاج طلاء فعال للغاية. هذا قد يفتح الباب أمام تطوير مواد تخفي جديدة ومبتكرة في المستقبل.
مستقبل تقنية التخفي الراداري
من المتوقع أن يستمر الجيش الصيني في تطوير هذه التقنية وتحسينها، بهدف زيادة قدرة الطائرات على التخفي عن الرادارات. كما من المحتمل أن يتم استكشاف استخدامات أخرى لهذه المادة الامتصاصية للموجات الكهرومغناطيسية، مثل حماية المنشآت العسكرية والمعدات الحساسة.
يبقى من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه التقنية ستكون متاحة للدول الأخرى، أو ما إذا كانت الصين ستعتبرها ميزة تنافسية حصرية. ومع ذلك، فإن هذا الابتكار يمثل خطوة مهمة في مجال التخفي الراداري، ومن المرجح أن يشجع الدول الأخرى على الاستثمار في تطوير تقنيات مماثلة. سيراقب الخبراء العسكريون عن كثب التقدم المحرز في هذا المجال، خاصةً مع استمرار التنافس بين القوى العظمى في العالم.






