ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما الحكمة من تخصيص سيدنا إبراهيم عليه السلام بالذكر في الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأخير في الصلاة؟.
لماذا نصلي على سيدنا إبراهيم في التشهد؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن الحكمة في ذلك تظهر من عدة أوجه:
– أن سيدنا إبراهيم عليه السلام سأل اللهَ أن يجعل له لسانَ صدقٍ في الآخرين.
– أنه سمَّانا مسلمين من قَبْل، فله علينا منَّة عظيمة، فجاء التخصيص من باب المجازاة ومقابلة الإحسان بالإحسان.
– أنه سلَّم على أمة سيدنا محمد دون سائر الأنبياء ليلة المعراج.
الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأخير
وذكرت دار الإفتاء، أن المُلاحظ في هذه الصيغة الشريفة للصلاة الإبراهيمية أن سيدنا إبراهيم عليه السلام هو الذي خُصَّ بالذِّكر دون غيره من سائر الأنبياء عليهم جميعًا أفضل الصلاة وأتم السلام، وقد تواردت أقوال العلماء على بيان الحكمة من هذا التخصيص من عدة أوجه:
الأول: أنه عليه الصلاة والسلام سأل اللهَ تعالى أن يجعل له لسانَ صدقٍ في الآخرين، فمِنْ ثمَّ كانت صلاة الأمة المحمدية الخاتمة عليه.
قال الإمام ابن المُلَقِّن في “الإعلام بفوائد عمدة الأحكام” (3/ 471، ط. دار العاصمة): [فإن قلت: فلم خُصَّ التشبيه بإبراهيم عليه السلام دون غيره من الرسل؟ والجواب من أوجه: أحدها: لأنه سأل الله أن يجعل له لسانَ صدقٍ في الآخرين] اهـ.
الثاني: أنه عليه الصلاة والسلام سمَّى الأمة المحمدية مُسْلِمين قبل ظهورها، فله علينا منَّة عظيمة؛ فجازيناه بذلك التشبيه.
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في “حاشيته على الدر المختار” (1/ 514، ط. دار الفكر): [(قوله: وَخُصَّ إبراهيم.. إلخ) جوابٌ عن سؤال تقديره: لِمَ خُصَّ التشبيه بإبراهيم دون غيره مِن الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام؟
فأجاب بثلاثة أجوبة:. والثاني: أنه سَمَّانَا المسلمين كما أخبرنا عنه تعالى بقوله: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ﴾ [الحج: 78]؛ أي بقوله: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ [البقرة: 128]، والعرب من ذريته وذرية إسماعيل عليهما السلام، فقصدنا إظهار فضله مجازاةً على هذين الفعلين منه] اهـ.
الثالث: أن نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم هو دعوة إبراهيم عليه السلام؛ لذا خُصَّ عليه الصلاة والسلام من دون الأنبياء بصلاة أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم عليه.
قال الإمام ابن المُلَقِّن في “الإعلام بفوائد عمدة الأحكام” (3/ 471) في ذكر أوجه تخصيص التشبيه بسيدنا إبراهيم عليه السلام: [ثالثها: لأن نبينا دعوة إبراهيم عليه السلام، في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ الآية [البقرة: 129] فخُصِّصَ به] اهـ.
الرابع: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى ليلة المعراج جميع الأنبياء والمرسلين، وسلَّم على كلِّ نبي، ولم يُسَلِّم أحدٌ منهم على أمته غير سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فأمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نُصَلِّي عليه في آخر كلِّ صلاةٍ إلى يوم القيامة جزاءً له على إحسانه.
قال الإمام بدر الدين العيني في “شرحه على سنن أبي داود” (4/ 260، ط. مكتبة الرشد): [فإن قيل: لم خصَّ إبراهيم عليه السلام من بين سائر الأنبياء عليهم السلام بذكرنا إيَّاه في الصلاة؟
قلت: لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى ليلة المعراج جميع الأنبياء والمرسلين، وسلَّم على كلِّ نبي، ولم يُسَلِّم أحدٌ منهم على أمته غير إبراهيم عليه السلام، فأمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نُصَلِّي عليه في آخر كلِّ صلاةٍ إلى يوم القيامة مجازاةً على إحسانه] اهـ.
الخامس: أنَّ سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما فَرَغَ من بناء الكعبة دَعَا لأمة محمد عليه الصلاة والسلام، وقال: اللهم مَن حج هذا البيت من أمة محمد فهَبْه مني السلام، وكذلك دَعَا أهلُه وأولاده بهذه الدعوة، فأُمِرْنَا بذكرهم في الصلاة؛ مُجازاةً على حُسْن صنيعهم.
قال العلامة بدر الدين العيني في “شرحه على سنن أبي داود” (4/ 260، ط. مكتبة الرشد): [يقال: إن إبراهيم عليه السلام لما فَرَغَ من بناء الكعبة دَعَا لأمة محمد عليه الصلاة والسلام، وقال: اللهم مَن حج هذا البيت من أمة محمد فهَبْه مني السلام، وكذلك دَعَا أهلُه وأولاده بهذه الدعوة، فأُمِرْنَا بذكرهم في الصلاة؛ مُجازاةً على حُسْن صنيعهم] اهـ.
السادس: أن المطلوب صلاة يَتَّخِذُ الله تعالى بها نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم خليلًا كما اتخذ إبراهيم عليه السلام خليلًا، وقد استجاب الله دعاء عباده، فاتخذه الله تعالى خليلًا أيضًا.