أثار الكشف عن امتيازات غير مسبوقة يتمتع بها الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي داخل سجن لا سانتيه في باريس، موجة غضب واسعة في الأوساط النقابية وبين نزلاء السجون، بعدما تبين أنه يحظى بحراسة دائمة من شرطيين مسلحين داخل السجن نفسه، في سابقة لم تشهدها الجمهورية الخامسة من قبل.
وبحسب تقرير نشره موقع «ميديا بارت» الفرنسي للكاتب ميشيل دوليان، فإن ساركوزي الذي يقضي عقوبته بعد إدانته في قضية التمويل الليبي غير المشروع، يتمتع بظروف احتجاز “خاصة واستثنائية”، رغم تأكيده في أكثر من مناسبة أنه لا يريد معاملة مميزة.
ويؤكد التقرير أن وزير الداخلية الفرنسي لوران نونييز برر تلك الإجراءات بـ”التهديدات الأمنية” التي يتعرض لها الرئيس الأسبق و”مكانته الخاصة”، غير أن نقابات العاملين في السجون اعتبرت القرار “انتهاكًا صارخًا للقوانين” و”فضيحة أمنية”، مؤكدين أن وجود شرطة مسلحة داخل السجون يخالف كل اللوائح المنظمة.
وقال أحد مسؤولي سجن لا سانتيه للموقع: “هذا لم يحدث من قبل في تاريخ السجون الفرنسية، إنه عبث حقيقي!”
كما عبرت النقابات العمالية عن رفضها لما وصفته بـ”التمييز الطبقي”، معتبرة أن حماية السجناء البارزين مضمونة بالفعل دون الحاجة لتدخل الشرطة، وأن ما يحدث “امتياز سياسي واضح”.
وزادت الانتقادات بعد أن سمح لساركوزي بلقاءات خاصة مع زوجته كارلا بروني ووزير الداخلية جيرالد دارمانان، فضلاً عن لقاء سابق مع الرئيس إيمانويل ماكرون، ما أثار مخاوف من تدخلات سياسية في مسار العدالة.
من جهتها، حذرت نقابة القضاة الفرنسية من أن مثل هذه الزيارات “تمس باستقلال القضاء”، في وقت تشهد فيه السجون الفرنسية أزمة اكتظاظ حادة؛ إذ تبلغ نسبة الإشغال في سجن لا سانتيه نحو 190%، بحسب المنظمة الدولية لمراقبة السجون والمجلس الوطني للوقاية من التعذيب.
ويرى المراقبون أن المفارقة صارخة، إذ إن ساركوزي نفسه كان من أشد الداعين إلى تشديد السياسات الجنائية خلال ولايته، فيما يعاني النظام السجني اليوم من “الإرهاق والانهيار” نتيجة تلك السياسات، بحسب نقابة الإدماج والمراقبة القضائية.
ويختتم الكاتب دوليان مقاله بالقول إن هذه المعاملة الخاصة “تكرّس عدالة طبقية تتنافى مع مبدأ المساواة أمام القانون”، مضيفًا أن “ساركوزي يعامل كأنه ملك جمهوري”، وأن الامتيازات الممنوحة له “مبنية على انتمائه إلى نخبة سياسية واقتصادية واجتماعية بعيدة عن واقع المواطنين العاديين”.
وجاء التعليق الأكثر إثارة للجدل من أحد أصدقاء ساركوزي، رجل الأعمال جان-كلود دارمون، الذي قال: “هذه صدمة لأناس مثلنا، فنحن لم نخلق للسجن… ولسنا حيوانات!”
وهو تصريح أثار استياءً واسعًا في الأوساط الحقوقية والإعلامية، معتبرين أنه يكشف عن عقلية النخبة التي ترى نفسها فوق القانون.






