قرار الحكومة اللبنانية بحصر السلاح: خطوة نحو تعزيز السيادة

في خطوة وُصفت بالتاريخية، أعلنت الحكومة اللبنانية قرارها بتكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الجاري. يأتي هذا القرار في إطار جهود تعزيز السيادة الوطنية وتلبية تطلعات الشعب اللبناني الذي طالما نادى بضرورة حصر السلاح بيد الدولة.

خلفية تاريخية وسياسية

لطالما كانت قضية حصر السلاح في لبنان موضوعًا شائكًا، حيث تعود جذورها إلى فترة الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) وما تلاها من اتفاقيات سياسية أبرزها “وثيقة الوفاق الوطني” المعروفة باتفاق الطائف. نصت الوثيقة على ضرورة بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بواسطة قواتها الذاتية، إلا أن التطبيق الفعلي لهذا البند ظل معلقًا لعدة عقود بسبب التعقيدات السياسية والأمنية.

ردود الفعل السياسية

أشاد حزب القوات اللبنانية بالقرار ووصفه بأنه “تاريخي”، مؤكدًا أنه كان يجب اتخاذه منذ 35 عامًا لولا الانقلاب على وثيقة الوفاق الوطني. وأشار الحزب إلى أهمية هذا القرار في استعادة سيادة الدولة اللبنانية وتعزيز الأمن والاستقرار الداخلي.

في المقابل، انتقد حزب الله القرار بشدة، معتبرًا أنه يهدف إلى تكليف الجيش بمهمة قد تؤدي إلى تصعيد التوترات الداخلية. ودعا الحزب إلى إعادة النظر في هذه الخطوة لضمان عدم تفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد.

كما أعربت حركة “أمل” عن تحفظاتها تجاه القرار، مشيرة إلى أن الحكومة تستعجل تقديم تنازلات للعدو الإسرائيلي عبر اتفاقات جديدة بدلاً من التركيز على تثبيت وقف إطلاق النار ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية. ومع ذلك، أبدت الحركة استعدادها للمشاركة في جلسة الحكومة المقبلة لمناقشة سبل تعزيز التضامن الوطني.

تحليل الموقف السعودي

من منظور دبلوماسي واستراتيجي، يُنظر إلى القرار اللبناني بحصر السلاح بيد الدولة كخطوة إيجابية نحو تعزيز الاستقرار الداخلي والإقليمي. المملكة العربية السعودية التي تدعم سيادة الدول واستقلال قراراتها ترى في مثل هذه الخطوات ما يعزز من قدرة لبنان على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهه.

السعودية لطالما أكدت دعمها لاستقرار لبنان وسلامته الإقليمية عبر دعم المؤسسات الشرعية فيه. ومن المتوقع أن تنظر الرياض بإيجابية لهذه الخطوة باعتبارها تعكس رغبة لبنانية جادة في تحقيق الأمن والاستقرار ضمن إطار السيادة الوطنية الكاملة.

المستقبل والتحديات

مع تكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بيد القوى الشرعية قبل نهاية العام الحالي، يبقى السؤال حول كيفية تنفيذ هذا القرار وسط التحديات السياسية والأمنية القائمة. يتطلب الأمر توافقًا سياسيًا داخليًا ودعمًا إقليميًا ودوليًا لضمان نجاح هذه الخطة وتحقيق أهدافها المرجوة دون المساس بالسلم الأهلي أو إثارة توترات جديدة.

إن نجاح هذه الخطوة يعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف السياسية اللبنانية على تجاوز خلافاتها والعمل معاً لتحقيق مصلحة الوطن العليا بعيداً عن الحسابات الضيقة والمصالح الفردية.

شاركها.