تشهد الأسواق المغربية في أول أيام عيد الاضحى موجة إقبال كثيف على اللحوم البيضاء، ولا سيما لحم الديك الرومي، كخيار بديل للأضاحي بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وذلك في أعقاب القرار الملكي الصادر عن العاهل المغربي الملك محمد السادس، القاضي بـ إلغاء شعيرة ذبح الأضاحي للعام الجاري.

وجاء القرار الملكي في سياق تداعيات النقص الحاد في أعداد رؤوس الماشية، وتدهور الوضع البيئي المرتبط بموجات الجفاف المتكررة، إلى جانب اعتبارات اقتصادية واجتماعية ملحّة. ويهدف هذا التوجه إلى الحفاظ على القطيع الوطني من الانهيار، في ظل الظروف المناخية القاسية التي أثرت سلبًا على القطاع الفلاحي.

وقد أدّى هذا الإقبال المتزايد على لحوم الدواجن، وخاصة لحم الديك الرومي، إلى ارتفاع ملحوظ في الأسعار. 

وسجل الكيلوجرام الواحد زيادة تصل إلى 30 درهمًا، الأمر الذي أثار موجة من الاستياء في صفوف المواطنين، حيث اعتبر العديد منهم أن الأسعار الجديدة تفوق طاقتهم الشرائية وتُضيف عبئًا إضافيًا على كاهل الأسر ذات الدخل المحدود.

وفي هذا السياق، بدأت السلطات المحلية تنفيذ حزمة من الإجراءات المرتبطة بالقرار الملكي، من أبرزها منع دخول شاحنات المواشي إلى الأسواق الأسبوعية، بما في ذلك سوق أولاد مبارك، أحد الأسواق الحيوية في المملكة. وترافق هذه الإجراءات رقابة صارمة تهدف إلى منع أي محاولات لذبح الأضاحي خلال أيام العيد، تنفيذًا للتوجيهات الملكية التي تحظر هذه الشعيرة لهذا العام بشكل استثنائي.

يُذكر أن القرار الملكي لقي تأييدًا من هيئات بيئية وزراعية، باعتباره خطوة وقائية تُسهم في تقليص الضغط على الثروة الحيوانية الوطنية، وتُمهّد لتدابير طويلة الأمد تهدف إلى إعادة هيكلة قطاع تربية المواشي ومجابهة آثار التغيرات المناخية على الأمن الغذائي في المغرب.

يُعد قرار العاهل المغربي بإلغاء شعيرة ذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى لعام 2025 سابقة في تاريخ المملكة، حيث لم يسبق أن أُعلن عن تعليق هذه الشعيرة الدينية بشكل رسمي وشامل. وقد جاء القرار استنادًا إلى تقارير رسمية وتحليلات ميدانية من قطاعات الفلاحة والداخلية والتنمية المستدامة، أكدت أن استمرار تقليد الأضحية في ظل الظروف الحالية سيؤدي إلى استنزاف ما تبقى من القطيع الوطني، ويعمّق الأزمة المرتبطة بنقص الأعلاف وارتفاع أسعار المواشي.

ورغم الطابع الديني والاجتماعي العميق لشعيرة الأضحية في المجتمع المغربي، إلا أن القرار حظي بتفهم نسبي من جانب فئات واسعة من المواطنين، لا سيما في ظل الوعي المتزايد بحجم التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه البلاد. ومع ذلك، عبّرت بعض الشرائح المحافظة عن قلقها من تداعيات هذا القرار على الموروث الثقافي والديني، داعية إلى توفير بدائل رمزية وروحية تُعزّز روح العيد وتحافظ على قيم التكافل والتضامن الاجتماعي، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها شريحة كبيرة من المواطنين.

شاركها.