يواجه ما يقرب من نصف الناجين من النوبات القلبية صدمة نفسية واكتئابًا، مما يزيد من خطر تعرضهم لنوبة قلبية ثانية بنسبة 50% تقريبًا. وتشير دراسات حديثة في الولايات المتحدة إلى أن واحدًا من كل خمسة أشخاص يتعافون من نوبة قلبية يحتاجون إلى إعادة دخول المستشفى بسبب نوبة أخرى خلال خمس سنوات. يؤكد أطباء القلب على أهمية اتخاذ خطوات استباقية للوقاية من هذه النوبات المتكررة، وهو ما سنستعرضه في هذا المقال.
تعتبر النوبات القلبية من الأسباب الرئيسية للوفاة حول العالم، وتتطلب رعاية طبية فورية. ولكن، بعد تجاوز المرحلة الحادة، يظل خطر الإصابة بنوبة قلبية ثانية قائمًا، خاصةً لدى أولئك الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة أو لا يلتزمون بتعليمات الأطباء. يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على الإجراءات الوقائية التي يمكن أن تقلل بشكل كبير من هذا الخطر.
تناول أدويتك بانتظام للوقاية من النوبات القلبية
بعد الإصابة بنوبة قلبية، يصف الأطباء عادةً مجموعة من الأدوية للمساعدة في منع تكرارها. يشمل ذلك أدوية لخفض الكوليسترول، ومميعات للدم، وأدوية للسيطرة على ضغط الدم، بالإضافة إلى أدوية لحماية المعدة من الآثار الجانبية لبعض العلاجات. الالتزام بتناول هذه الأدوية بانتظام، وفقًا لتعليمات الطبيب، أمر بالغ الأهمية.
يقول الدكتور رياض باتيل، استشاري أمراض القلب في كلية لندن الجامعية، إن معظم المرضى سيحتاجون إلى تناول 5 أو 6 أدوية على الأقل مدى الحياة، بما في ذلك الأسبرين والستاتين. قد يتم تعديل هذه الأدوية بمرور الوقت بناءً على استجابة المريض، ولكن التوقف عن تناولها دون استشارة الطبيب يمكن أن يكون له عواقب وخيمة.
أهمية المتابعة الطبية المنتظمة
بالإضافة إلى تناول الأدوية، من الضروري إجراء فحوصات طبية منتظمة لمراقبة الحالة الصحية وتقييم فعالية العلاج. تتيح هذه الفحوصات للطبيب إجراء أي تعديلات ضرورية على خطة العلاج والتأكد من أن المريض يسير على الطريق الصحيح للتعافي.
ممارسة الرياضة تحت إشراف طبي
على عكس الاعتقاد السائد في الماضي، فإن ممارسة الرياضة تعتبر الآن جزءًا أساسيًا من إعادة التأهيل بعد النوبة القلبية. يساعد النشاط البدني المنتظم على تقوية عضلة القلب وتحسين الدورة الدموية وتقليل خطر الإصابة بنوبة قلبية ثانية. ومع ذلك، يجب أن تتم ممارسة الرياضة تحت إشراف طبي، خاصةً في المراحل الأولى من التعافي.
تتضمن برامج إعادة التأهيل القلبي تمارين هوائية مثل المشي والسباحة وركوب الدراجات، بالإضافة إلى تمارين القوة لتقوية العضلات. يتم تصميم هذه البرامج خصيصًا لتلبية احتياجات كل مريض، مع مراعاة حالته الصحية وقدرته البدنية.
الإقلاع عن التدخين واتباع نظام غذائي صحي للقلب
الإقلاع عن التدخين هو أحد أهم الخطوات التي يمكن للمريض اتخاذها لحماية قلبه. يزيد التدخين من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بشكل كبير، ويجعل النوبات القلبية أكثر احتمالاً. بالإضافة إلى ذلك، فإن اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن يلعب دورًا حيويًا في الوقاية من النوبات القلبية المتكررة.
ينصح الأطباء باتباع نظام غذائي غني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون، مع الحد من تناول الدهون المشبعة والكوليسترول والصوديوم والسكر. يعتبر النظام الغذائي المتوسطي، الذي يركز على هذه المكونات، خيارًا ممتازًا لصحة القلب.
أهمية اللقاحات والوقاية من الأمراض المعدية
الأشخاص الذين أصيبوا بنوبة قلبية هم أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات خطيرة من الأمراض المعدية مثل الإنفلونزا و”كوفيد-19″. لذلك، يوصى بشدة بتلقي اللقاحات الموصى بها لحماية القلب والجهاز القلبي الوعائي. يساعد الحصول على هذه اللقاحات في تقليل خطر الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية.
تعتبر الوقاية من النوبات القلبية المتكررة عملية مستمرة تتطلب التزامًا من المريض وفريق الرعاية الصحية. من خلال اتباع هذه الإرشادات واتخاذ خطوات استباقية، يمكن للمرضى تقليل خطر الإصابة بنوبة قلبية ثانية وتحسين نوعية حياتهم بشكل كبير. من المتوقع أن تصدر وزارة الصحة توصيات محدثة حول برامج إعادة التأهيل القلبي في الربع الأول من عام 2026، مع التركيز على دمج أحدث التقنيات في الرعاية.






