من المتوقع أن تشهد بيئة الاستثمار في عام 2026 تحسناً ملحوظاً، مدفوعة بتوجه البنوك المركزية العالمية نحو تبني سياسات داعمة للنمو الاقتصادي وتراجع الضغوط التضخمية. هذا التحول يُبشر بتعزيز أسواق الأسهم على مستوى العالم، مع فرص واعدة في الأسواق الناشئة والقطاعات المتنوعة. يركز المحللون على أهمية التنويع في الاستثمارات لتجنب التركيز المفرط على قطاعات محددة.

مانبريت جيل، كبير مسؤولي الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا لدى بنك “ستاندرد تشارترد”، أكد في تصريحات لـ “الشرق” أن خفض أسعار الفائدة وتراجع قوة الدولار الأمريكي تاريخياً يخلقان بيئة مواتية للأصول ذات المخاطر الأعلى. ومع ذلك، حذر جيل من مخاطر الاعتماد الزائد على أسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مشدداً على ضرورة توزيع الاستثمارات بشكل استراتيجي.

تحسينات متوقعة في بيئة الاستثمار العالمية

تتجه البنوك المركزية الكبرى، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي، نحو تخفيف السياسات النقدية بعد فترة من التشديد لمكافحة التضخم. هذا التحول يهدف إلى دعم النمو الاقتصادي الذي تباطأ في العديد من الدول بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والظروف الجيوسياسية. تعتبر هذه الخطوة بمثابة إشارة إيجابية لأسواق المال، حيث يميل المستثمرون إلى البحث عن عوائد أعلى في الأصول الأكثر خطورة.

توقعات أداء الأسهم والسندات

يوصي بنك “ستاندرد تشارترد” بزيادة الوزن النسبي للاستثمارات في الأسهم، مع التركيز بشكل خاص على أسواق الولايات المتحدة وآسيا (باستثناء اليابان). يعزى هذا التوصية إلى التقييمات الأقل جاذبية في هذه الأسواق، بالإضافة إلى الدعم المتوقع من السياسات النقدية المرتخية ونمو أرباح الشركات.

فيما يتعلق بالدخل الثابت، يرى البنك أن سندات الأسواق الناشئة لديها القدرة على التفوق على نظيراتها في الدول المتقدمة. يعود ذلك إلى العوائد الأعلى التي تقدمها هذه السندات، بالإضافة إلى توقعات ضعف الدولار الأمريكي، مما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.

الذهب والذكاء الاصطناعي: فرص ومخاطر

من المتوقع أن يحافظ الذهب على أدائه الجيد خلال عام 2026، مدفوعاً بشكل أساسي بمشتريات البنوك المركزية التي تسعى إلى تنويع احتياطياتها وتقليل تعرضها للدولار الأمريكي. يعتبر الذهب ملاذاً آمناً في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، مما يجعله خياراً جذاباً للمستثمرين.

ومع ذلك، حذر مانبريت جيل من مخاطر خيبة الأمل المحتملة في قطاع الذكاء الاصطناعي. على الرغم من النمو الهائل الذي شهده هذا القطاع في السنوات الأخيرة، إلا أن التقييمات المرتفعة قد تجعله عرضة للتصحيح في حالة عدم تحقيق التوقعات المستقبلية. بالإضافة إلى ذلك، نبه جيل إلى المخاطر المرتبطة بتغير مفاجئ في مسار السياسات النقدية العالمية، مما قد يؤثر سلباً على أسواق الأسهم والسندات.

تعتبر الاستثمارات البديلة، مثل العقارات والبنية التحتية، خيارات جذابة لتنويع المحافظ الاستثمارية وتقليل المخاطر. توفر هذه الأصول تدفقات نقدية مستقرة وعوائد طويلة الأجل، مما يجعلها مناسبة للمستثمرين الذين يبحثون عن استقرار.

بالإضافة إلى ذلك، يشير المحللون إلى أهمية مراقبة التطورات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، حيث يمكن أن تؤثر الأحداث غير المتوقعة على أسواق المال. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تصاعد التوترات التجارية أو اندلاع صراعات جديدة إلى زيادة التقلبات في الأسواق وتقليل الثقة لدى المستثمرين.

تعتبر إدارة المخاطر عنصراً أساسياً في أي استراتيجية استثمارية ناجحة. يجب على المستثمرين تحديد مستوى المخاطر الذي يمكنهم تحمله وتنويع محافظهم الاستثمارية لتقليل التعرض للخسائر. كما يجب عليهم متابعة أداء استثماراتهم بانتظام وإجراء التعديلات اللازمة حسب الحاجة.

في الختام، تشير التوقعات إلى تحسن بيئة الاستثمار في عام 2026، مع فرص واعدة في الأسهم والسندات والذهب والاستثمارات البديلة. ومع ذلك، يجب على المستثمرين توخي الحذر ومراقبة التطورات العالمية وإدارة المخاطر بشكل فعال. من المتوقع أن تقوم البنوك المركزية بمراجعة سياساتها النقدية في الربع الأول من عام 2026، وهو ما قد يؤثر على مسار الأسواق المالية. سيراقب المستثمرون عن كثب بيانات التضخم والنمو الاقتصادي لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة.

شاركها.