احتفل السوريون في الثامن من ديسمبر 2025 بالذكرى السنوية الأولى لـتحرير سوريا، وهي مناسبة تحمل في طياتها مزيجًا من الفرح والأمل مع تذكير مستمر بالتحديات الهائلة التي تواجه البلاد بعد عقود من الصراع. شهدت منصات التواصل الاجتماعي انتشارًا واسعًا لوسوم تعبر عن هذه المناسبة التاريخية، وسط تقييمات متباينة للوضع الراهن ومستقبل البلاد.

يمثل سقوط نظام بشار الأسد نقطة تحول حاسمة في تاريخ سوريا، حيث أنهى فترة طويلة من الحرب والاضطهاد والحصار الذي فرضته العديد من الدول. وقد فتح هذا الحدث الباب أمام مرحلة جديدة يسعى فيها السوريون إلى إعادة بناء وطنهم وتحقيق الاستقرار المنشود. تشير التقديرات إلى أن عملية إعادة الإعمار ستستغرق سنوات عديدة وتتطلب استثمارات ضخمة.

أجواء الاحتفال وتأكيد على أهمية التحرير

تصدر وسم “عام على التحرير” و”سوريا تنتصر” و”سوريا حرة” منصات التواصل الاجتماعي، حيث شارك السوريون ذكرياتهم وتجاربهم الشخصية. عبر العديد منهم عن شعورهم بالارتياح والأمل بعد سنوات من الخوف والقمع. كما استعاد المغردون صورًا ومقاطع فيديو للأيام الأولى للتحرير، ورووا قصصًا عن الصمود والتضحية.

أكد ناشطون أن هذه الذكرى ليست مجرد احتفال رمزي، بل هي تجديد للعهد بالمضي قدمًا في مشروع بناء سوريا الجديدة. شددوا على أن سوريا ستبقى قوية ومستقلة بفضل تضحيات أبنائها، وأن الطريق نحو تحقيق العدالة والحرية لا يزال طويلًا. وتشير التقارير إلى أن هناك جهودًا مستمرة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية وتفعيل دور المجتمع المدني.

تحديات ما بعد التحرير

على الرغم من أجواء الفرح والاحتفال، يواجه السوريون العديد من التحديات في مرحلة ما بعد التحرير. من أبرز هذه التحديات إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة، وتوفير فرص العمل، وضمان عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة ماسة إلى تحقيق المصالحة الوطنية ومعالجة آثار الحرب على المجتمع.

أشار بعض المراقبين إلى أن الوضع الاقتصادي في سوريا لا يزال هشًا، وأن البلاد تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية. كما لفتوا الانتباه إلى أن هناك خطرًا من عودة الإرهاب والتطرف، خاصة في المناطق التي شهدت اشتباكات عنيفة. وتتطلب مواجهة هذه التحديات تعاونًا إقليميًا ودوليًا.

تباين الآراء حول الواقع الحالي

لم يخلُ الاحتفال بالذكرى الأولى للتحرير من بعض الانتقادات والتحفظات. عبر بعض المغردين عن رفضهم لخطاب الاحتفاء، معتبرين أنه لا يعكس الواقع المعيشي الصعب الذي يواجهه الكثير من السوريين. كما أشاروا إلى أن ملايين السوريين ما زالوا يعيشون في مخيمات اللاجئين أو في مناطق غير آمنة.

ورأى آخرون أن الاحتفال بهذه الذكرى يجب أن يكون مصحوبًا بتقييم نقدي للوضع الراهن، وتحديد الأولويات اللازمة لتحقيق الاستقرار والتنمية. شددوا على أهمية محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت خلال سنوات الحرب، وضمان تحقيق العدالة الانتقالية. وتعتبر قضية المعتقلين والمفقودين من القضايا الحساسة التي تتطلب معالجة عاجلة.

وبينما يرى البعض أنتحرير سوريا يمثل بداية جديدة، يعتقد آخرون أنه لا يزال هناك طريق طويل وشاق أمام البلاد. الخلافات السياسية والمذهبية لا تزال قائمة، وهناك حاجة إلى حوار وطني شامل لردم الهوة بين السوريين. كما أن الاستجابة للاحتياجات الإنسانية العاجلة، مثل توفير الغذاء والدواء والمأوى، تظل من الأولويات القصوى.

وفي ظل هذه التطورات المتسارعة، من المتوقع أن تشهد سوريا في الأشهر القادمة مزيدًا من التحديات والفرص. يبقى التحول الديمقراطي والتعافي الاقتصادي من بين أهم الأولويات التي يجب التركيز عليها. ويرى المراقبون أن نجاح سوريا في بناء مستقبل أفضل يعتمد على قدرة شعبها على التوحد والتعاون، وعلى دعم المجتمع الدولي.

شاركها.