بقلم د. محمد المكرمي – الرئيس التنفيذي لشركة المعادلة المثالية
لا تزال الشركات العائلية لاعبًا رئيسيًا في الاقتصاد العالمي والمحلي: أكبر 500 شركة عائلية سجلت إيرادات إجمالية بلغت نحو 8.8تريليون دولار في 2025، وتوظف هذه المجموعة أكثر من 25 مليون عامل. على مستوى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كذلك تشير تقارير مستقاة من مؤسسات حكومية إلى أن نسبة كبيرة من الشركات تواجه قضايا نقل الملكية/الإدارة للأجيال التالية حوالي 30% فقط من الشركات العائلية تنجح في الانتقال إلى الجيل الثاني، ونسبة أقل تصل إلى الجيل الثالث والرابع إذا غاب التخطيط الجيد.
- افهم التغيرات — قراءة المشهد الاقتصادي أولاً
قبل أي خطوة عملية، من الضروري تحليل البيئة: معدلات التضخم، أسعار الفائدة، تغييرات الطلب في قطاعك، سياسات الحكومة (تشريعات تجارية، ضريبة، دعم استثماري)، وتحولات تفضيلات المستهلك. استخدام تقارير رسمية (مثل تقارير وزارة الاستثمار / تقارير الجهات الدولية كـ OECD أو World Bank) لأنها تعطي رؤية قابلة للقياس واتخاذ القرار.
- حدّث الحوكمة والشفافية
الشركات العائلية التي تطبق ممارسات حوكمة واضحة (مجلس خبراء، لائحة داخلية، سياسات للصراع وإفصاح مالي) تكون أكثر قدرة على جذب الاستثمار والتكيّف مع الصدمات. المسوحات توضح أن وجود هياكل حوكمة يقلّل الخلافات ويزيد فرص الاستمرارية. ضع ميثاق عائلي أو لائحة تشغيلية تربط التوقعات بالمسؤوليات.
- خطّة تعاقب واضحة
أكبر خطر يواجه الشركات العائلية هو غياب خطة للتعاقب. التخطيط المبكر للتعاقب يشمل: تحديد قادة محتملين (عائليين أو مهنيين خارجيين)، تدريبهم، وضع معايير أداء واضحة، ووجود خطط للطوارئ. الإحصاءات التاريخية تُظهر أن غياب التخطيط يؤدي إلى فقدان شركات كبيرة عند انتقال الملكية.
- احتضان الرقمنة والابتكار
صارت المرونة التقنية مطلبًا أساسيًا: أتمتة العمليات المالية، استخدام أنظمة موارد بشرية وإدارة علاقات العملاء (ERP/CRM)، وتبني التجارة الإلكترونية أو القنوات الرقمية للتسويق والمبيعات. الشركات العائلية اللي تستثمر في التكنولوجيا تحسّن كفاءتها وتفتح أسواقًا جديدة — وهذا مهم خصوصًا إذا كانت سياستك السوقية تتجه للتصدير أو التوسع الإقليمي.
- فصل الملكية عن الإدارة عند الحاجة
ليس كل وريث بالضرورة أن يكون أفضل مدير. فتح الباب أمام مدراء مهنيين خارجيين أو مشاركة إدارية مهنية مع العائلة يعزز الأداء ويخفف المخاطر التشغيلية والأسرية، خصوصًا في مراحل النمو أو التحوّل. تجربة دول وشركات كبرى أظهرت أن الدمج بين ثقافة العائلة وكفاءة الإدارة المحترفة هو مفتاح الاستدامة.
- التنويع المالي والتأمين ضد المخاطر
لابد من مراجعة مزيج الاستثمارات والسيولة: وجود احتياطي نقدي، تنويع المنتجات/الأسواق، وغطاء تأميني للأصول والتشغيل يُقلّل من أثر الصدمات (تقلبات الأسعار، تعطلات سلسلة التوريد، أزمات اقتصادية). تعاون مع بنوك ومؤسسات استشارية حكومية للاستفادة من برامج دعم أو تسهيلات تمويلية
- خطة مالية واضحة تربط اليوم بالمستقبل
كخبير اقتصادي انصح بعمل تخطيط مالي طويل الأمد (3–5 سنوات على الأقل) مع سيناريوهات (متفائل، متوسط، متشائم)، وحدّد مؤشرات أداء رئيسية KPI لقياس التقدّم. استخدم محاسبة إدارة تحليلية لاتخاذ قرارات استثمارية مدروسة.
خاتمة
تمتلك الشركات العائلية ميزة تنافسية كبيرة — علاقات قوية، رؤية طويلة الأمد وقيم متوارثة — لكنّ هذه المزايا لا تكفي دون حوكمة مدروسة، خطط تعاقب واضحة، واحتضان للرقمنة والمهارات الحديثة. بالاقتران مع قراءة دقيقة للبيئة الاقتصادية والاستفادة من البرامج الحكومية والدولية، يمكن لأي شركة عائلية أن تتكيّف وتزدهر في مشهد متغير.






