يحوّل الصداع أبسط المهام إلى تحدٍ كبير، مما يجعل التركيز في العمل أمراً صعباً والتواصل مع الآخرين مجهداً. يعاني الكثيرون من أنواع مختلفة من الصداع، بدءاً من الصداع العنقودي الحاد وصولاً إلى صداع التوتر الأكثر شيوعاً والصداع النصفي الذي يترافق مع أعراض مزعجة. غالباً ما يلجأ المصابون إلى مسكنات الألم المتاحة دون وصفة طبية.
ومع ذلك، يحذر خبراء الصحة من أن الاعتماد المفرط على هذه المسكنات قد يكون له نتائج عكسية. صرحت الصيدلانية ديبورا غرايسون لصحيفة ديلي ميل البريطانية بأن الاستخدام المنتظم لمسكنات الألم لا يعالج السبب الجذري للصداع، بل قد يؤدي إلى ما يعرف بـ “الصداع الارتدادي”، حيث يعود الألم أقوى بعد فترة راحة مؤقتة.
الوقاية خير من العلاج
يرتبط الصداع بشكل كبير بعوامل تتعلق بنمط الحياة. تأكيداً على ذلك، أوضحت غرايسون أن تحديد الأسباب الكامنة وراء الصداع هو الخطوة الأساسية نحو إيجاد حل دائم. تشمل هذه الأسباب قلة النوم، والجفاف، وتقلبات مستويات السكر في الدم، والإفراط في استخدام الأجهزة الرقمية، والتوتر العضلي.
يساعد الحصول على قسط كاف من النوم في الحفاظ على صحة الجسم والعقل، وبالتالي تقليل احتمالية الإصابة بالصداع. كما أن تقليل الوقت الذي تقضيه أمام الشاشات يمكن أن يحسن من جودة النوم، حيث أن الضوء الأزرق المنبعث منها قد يعطل إنتاج هرمون السيروتونين الذي ينظم النوم والمزاج.
تأثير مستويات السكر في الدم
يمكن أن تلعب مستويات السكر في الدم دوراً كبيراً في حدوث الصداع. عندما تنخفض مستويات السكر في الدم، يطلق الجسم هرمونات التوتر مثل الأدرينالين، مما قد يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية وزيادة الألم. بالمقابل، قد يسبب ارتفاع السكر في الدم أيضاً صداعاً، لذا فإن الحفاظ على مستوى ثابت من السكر في الدم هو الحل الأمثل.
يساهم تناول وجبة فطور متوازنة وصحية في تنظيم مستويات السكر في الدم وتقليل خطر الإصابة بالصداع. ينبغي أن تتضمن وجبة الفطور الكربوهيدرات المعقدة والدهون الصحية والبروتينات لضمان توفير الطاقة اللازمة ووظائف الدماغ المثلى.
أهمية الترطيب
حتى فقدان كمية قليلة من السوائل يمكن أن يؤثر على حجم الدم ووظائف الدماغ، مما قد يؤدي إلى صداع. تنصح غرايسون ببدء اليوم بشرب 250 إلى 500 ملليلتر من الماء لإعادة ترطيب الجسم وضمان عمل الخلايا والدورة الدموية بشكل سليم.
الاستمرار في شرب الماء بانتظام طوال اليوم أمر ضروري للحفاظ على رطوبة الدماغ والعضلات، وبالتالي تقليل خطر الإصابة بالصداع الناتج عن الجفاف.
استرح من هاتفك قليلاً
يُعتبر الجلوس بوضعية غير صحيحة سبباً شائعاً لصداع التوتر، حيث يؤدي إلى توتر عضلات الرقبة والكتفين. أشارت غرايسون إلى أن الوضعية السيئة، خاصة عند استخدام الأجهزة لفترات طويلة، تزيد من الإجهاد العضلي وتضغط على الأعصاب والأوعية الدموية، مما يفاقم أعراض الصداع.
يمكن أن تساعد تمارين الإطالة اللطيفة في تخفيف التوتر في عضلات الرقبة والكتفين، وتحسين تدفق الدم، وتقليل الإجهاد البدني الذي يساهم في حدوث الصداع. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التوتر إلى إفراز هرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين، مما يزيد من حساسية الجسم للألم.
تؤكد غرايسون على أن أخذ فترات راحة قصيرة كل 15 دقيقة عند استخدام الشاشات يمكن أن يقلل من الإجهاد ويخفف من حدة الصداع. على الرغم من أن الأجهزة الرقمية أصبحت جزءاً أساسياً من حياتنا، إلا أن الاعتدال والراحة المنتظمة ضروريان للحفاظ على صحة العين والعضلات والدماغ.
عادة ما لا يكون الصداع مؤشراً على وجود مرض خطير، ولكن ظهور أعراض معينة يستدعي طلب العناية الطبية الفورية. وصت غرايسون بضرورة استشارة الطبيب إذا كان الصداع متكرراً (أكثر من مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً)، أو إذا كان مصحوباً بأعراض مثل مشاكل في الرؤية، أو ضعف، أو ارتباك، أو تصلب في الرقبة.
قد يشير تكرار الصداع إلى وجود مشكلة صحية كامنة تتطلب تشخيصاً وعلاجاً مناسبين. في حالة حدوث صداع مفاجئ وشديد، أو ظهور أي من الأعراض المذكورة أعلاه، يجب التوجه إلى أقرب مركز طبي للحصول على المساعدة اللازمة.
من المتوقع أن تقوم وزارة الصحة بإصدار دليل شامل حول إدارة الصداع والوقاية منه بحلول نهاية الربع الأول من العام القادم. سيشمل هذا الدليل توصيات حول تغييرات نمط الحياة، والعلاجات المتاحة، ومتى يجب طلب المساعدة الطبية. من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال والالتزام بالإرشادات الصادرة عن الجهات المختصة.






