كشفت مجموعة من الوثائق الجديدة، التي قدمتها لجنة الرقابة بمجلس النواب الأمريكي، عن اهتمام جيفري إبستين الشديد بتحسين حضوره على الإنترنت، بما في ذلك محاولاته للتأثير على نتائج البحث في محرك “غوغل”. وتظهر هذه الوثائق، المؤرخة في عام 2010، جهودًا مكثفة قام بها إبستين ومساعدوه للسيطرة على المعلومات الشخصية والمهنية الظاهرة في نتائج البحث، وذلك من خلال استراتيجيات تحسين محركات البحث (SEO).
وتتضمن هذه الوثائق مراسلات بريد إلكتروني تكشف عن طلب إبستين المباشر من مساعده العمل على تحسين ترتيبه في نتائج بحث “غوغل”، مع تخصيص مبالغ كبيرة لهذا الغرض. وقد أظهر رد المساعد نجاحًا أوليًا في تغيير نتائج البحث، مع توقعات بتحسينات إضافية بمرور الوقت.
الاعتماد على تهيئة المواقع التقنية
تشير الوثائق إلى أن إبستين لم يكن يكتفي بمقالات إيجابية حوله، بل سعى بنشاط إلى دفن الأخبار السلبية في نتائج البحث. وشمل ذلك محاولات للضغط على المؤسسات الإعلامية وتوظيف خبراء في مجال العلاقات العامة وتهيئة المواقع، بالإضافة إلى استهداف الكلمات المفتاحية المتعلقة باسمه وأنشطته.
تُظهر المراسلات أن الفريق العامل مع إبستين قام بتحليل دقيق لنتائج البحث، وتحديد المقالات والمواقع التي تسببت في إظهار معلومات غير مرغوب بها. ثم عملوا على استبدال هذه المعلومات بمحتوى أكثر إيجابية، باستخدام تقنيات تحسين محركات البحث المعروفة.
وتضمنت هذه التقنيات تحديث وتعديل محتوى صفحات ويكيبيديا الخاصة بإبستين، بهدف تقديم صورة أكثر ملاءمة له. بالإضافة إلى ذلك، قاموا بإنشاء ونشر مقالات إخبارية مدفوعة الأجر، ومقالات في مدونات، وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، كلها مصممة لتعزيز ترتيبه في نتائج البحث.
النجاح فيما يسعون إليه
وفقًا لرد المساعد، تمكنوا من إخفاء الكثير من الأخبار السلبية المتعلقة بإبستين من نتائج “غوغل”، مع بقاء مقالة واحدة من صحيفة “هافنتغتون بوست” كمشكلة بسيطة. ومع ذلك، توقع المساعد أن هذه المقالة ستتراجع أيضًا في الترتيب بمرور الوقت، مع استمرار جهودهم في إنشاء ونشر محتوى إيجابي.
ويؤكد خبراء في مجال تهيئة المواقع لمحركات البحث أن الأساليب التي استخدمها فريق إبستين هي نفسها التي تستخدمها الشركات والأفراد اليوم لتحسين ظهورهم على الإنترنت. ومع ذلك، فإن استخدام هذه التقنيات لإخفاء معلومات سلبية أو تضليل الجمهور يعتبر غير أخلاقي وغير قانوني في كثير من الحالات.
تشير التقديرات إلى أن مثل هذه الجهود، خاصةً إذا استمرت لفترة طويلة، يمكن أن تتكلف مبالغ طائلة، قد تتجاوز 100 ألف دولار بالإضافة إلى تكاليف الصيانة الشهرية. هذا يعكس الأهمية المتزايدة لـ إدارة السمعة على الإنترنت، وضرورة مراقبة وإدارة المعلومات التي تظهر في نتائج البحث.
تأثير إدارة السمعة الرقمية
وتشير هذه القضية أيضًا إلى التحديات التي تواجهها محركات البحث في مكافحة التلاعب بنتائج البحث. ففي حين أن “غوغل” تسعى باستمرار إلى تحسين خوارزمياتها لضمان تقديم نتائج بحث دقيقة وموثوقة، إلا أن هناك دائمًا أفرادًا وشركات يحاولون استغلال النظام لتحقيق مكاسب شخصية. بالإضافة إلى ذلك، تسلط الضوء على أهمية الشفافية والمساءلة في عالم الإنترنت، وضرورة ضمان قدرة الجمهور على الوصول إلى معلومات دقيقة وموضوعية.
من المتوقع أن تواصل لجنة الرقابة بمجلس النواب الأمريكي التحقيق في أنشطة جيفري إبستين وعلاقاته، وقد تكشف المزيد من الوثائق في المستقبل. ومن المهم متابعة هذه التطورات، وفهم الآثار المترتبة عليها على مجال تحسين محركات البحث وعلى إدارة السمعة الرقمية بشكل عام. يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد توازن بين حرية التعبير وضرورة حماية الجمهور من المعلومات المضللة والتلاعب.






