قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله سبحانه وتعالى ﴿ هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾ [التوبة :33] فحُمِّلنا الرسالة.. فما هي صفات عباد الرحمن الذين حملوها؟ وما هو جوهر الرسالة التي كُلفنا بأن نحملها إلى العالمين؟.

وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية، أن ربنا يتكلم عن حزب الله وعن حزب الشيطان.. وعن حزب الرحمن وعن حزب الأبالسة؛ يقول في أولئك الذين رفعوا عبادة الله مقامها.. يقـول في أولئـك الذيـن عمـروا الأرض كمـا أراد الله وعلـى مـراد الله: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾ [الفرقان :63]، وهم كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: خواصّ الرحمن ؛ نسبهم إلى اسمه (الرحمن) وخصهم به، وبه وبنوره يمشون في الناس، فهم أعرف الناس بالحق وأرحمهم بالخلق، هم الراحمون يرحمهم الرحمن ويعاملون من في الأرض بالرحمة، وهم السائرون على قدم نبيهم صلى الله عليه وسلم الذي أرسله ربه رحمة للعالمين.. عرفنا ربنا جل جلاله بصفاتهم التي بها تحققوا، وفيها ارتقوا حتى نعرفهم وأمرنـا فقـال: ﴿ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ [لقمان :15]، عدد لهم خمس عشرة صفة إلى نهاية سورة الفرقان، تتأملها أيها المسلم وتتخلق بها حتى تكون عبدًا ربانيَّا رحمانيًّا قادرًا على تحمل الدعوة للعالمين، حتى تكون مرضيًّا عنك من رب العالمين، حتى تكون حقيقًا بأن تمد يدك إلى السماء: يا رب يا رب؛ فيستجيب الله لك..

﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان :63] لا يمشون على الأرض طغيانًا وتجبرًا، ولكن مشيهم بالسكينة والوقار، والتواضع والخشية.. يمشون على الأرض وهم يدركون أنها تسبح لله، يمشون على الأرض وفي قلوبهم حب لعباد الله الإنسان قبل الحيوان، والحيوان قبل الأكوان ﴿ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا ﴾ تترقرق الرحمة في قلوبهم، يتعاملون مع الكون وكأنه حي مدرك، ويتعاملون معه برفق.

عبد من عباد الرحمن ؛ يمشي على الأرض هونًا، ويعتذر لخلق الله، ويقـدر حـالهـم من الجهـل والجهـالة ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا﴾ [الفرقان :63] يسلمون من الناس، ويسلم الناس منهم بصبرهم وحلمهم؛ فلا يعتدون عليهم بمثل ما يعتدى عليهم بل إنهم يصبرون لله وبالله. 

شاركها.