تصاعدت المخاوف الدولية بشأن الاضطهاد المسيحي في نيجيريا، حيث استضافت لجنة فرعية في مجلس النواب الأمريكي، يوم الخميس، جلسة استماع سلطت الضوء على العنف المنهجي والمتزايد الذي يستهدف المجتمعات المسيحية في البلاد. وشارك في الجلسة مسؤولون بالإدارة وخبراء، قدموا شهادات تفيد بتدهور الأوضاع الأمنية، وزيادة حالات القتل والخطف، والإفلات من العقاب الذي حول نيجيريا، الدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في أفريقيا، إلى ما وصفه أحد أعضاء الكونجرس بـ “أخطر مكان على وجه الأرض بالنسبة للمسيحيين”.
تزايد العنف ضد المسيحيين في نيجيريا: نظرة من الكونجرس الأمريكي
أعرب رئيس اللجنة الفرعية، كريس سميث، عن قلقه العميق بشأن الوضع المتدهور، واصفًا نيجيريا بأنها “مركز الصفر”، أو النقطة المحورية للاضطهاد الأكثر وحشية للمسيحيين في العالم اليوم. وأكد سميث أن هذه الجلسة هي الاثنتي عشرة من نوعها، وأنه قاد ثلاث رحلات للحقوق الإنسانية إلى البلاد.
استشهد سميث بشهادات سابقة من الأسقف ويلفريد أنجبي، الذي ذكر أن المهاجمين “يقتلون ويتباهون بذلك، ويختطفون ويغتصبون ويتمتعون بالإفلات التام من العقاب من المسؤولين المنتخبين”. كما سلط الضوء على هجوم وقع في يولا في 13 يونيو، حيث قُتل 278 شخصًا، بمن فيهم رجال ونساء وأطفال، بطريقة وحشية، وهم يصرخون “الله أكبر”.
وبحسب سميث، فإن هذه ليست أعمال عنف عشوائية، بل هي اضطهاد متعمد، معترفًا في الوقت نفسه بإمكانية وجود عوامل أخرى، إلا أنه يؤكد أن الدين هو المحرك الرئيسي لهذا العنف. وأشار أيضًا إلى أن المسلمين المعتدلين الذين ينتقدون المتطرفين غالبًا ما يتعرضون للقتل أيضًا، مما يؤكد انتشار ثقافة الإنكار في نيجيريا.
تضارب الآراء حول أسباب العنف والجذور
وافقت النائبة سارة جاكوبس، العضو في اللجنة من كاليفورنيا، على أن نيجيريا تواجه حالة انعدام أمن مدمرة، إلا أنها حذرت من تبني روايات بسيطة للغاية. وأشارت إلى عوامل متداخلة، مثل تمرد المتطرفين، والصراعات بين المزارعين والرعاة، وعصابات الجريمة المنظمة. وأوضحت أن 25 فتاة اختُطفن مؤخرًا في ولاية كبيي، وكن جميعًا مسلمات.
وأكدت جاكوبس أن العنف يؤثر على الجميع، وأن الروايات الخاطئة تمحو الأسباب الحقيقية للعنف وتجعل من الصعب إيجاد حلول. وانتقدت تصريحات الرئيس ترامب حول “الذهاب إلى نيجيريا ببندقية”، واصفة إياها بأنها تصريحات متهورة وغير قانونية، وقالت إن التدخل العسكري الأمريكي من جانب واحد سيكون “غير مثمر”.
في المقابل، وصف النائب جون جيمس، من ولاية ميشيغان، أزمة نيجيريا بأنها “واحدة من أخطر الأزمات المتعلقة بالحرية الدينية في العالم”، و “أخطر مكان على وجه الأرض بالنسبة للمسيحيين”.
شهادات من أرض الواقع وتصريحات حكومية
قدم الأسقف ويلفريد أنجبي، في شهادة عبر الفيديو من ولاية بينوي، تفاصيل حول حرق الكنائس، والتهجير الجماعي، واستهداف الكهنة للخطف. وأكد أن نيجيريا تظل “أخطر مكان على وجه الأرض بالنسبة للمسيحيين”، مشيرًا إلى أن عدد المسيحيين الذين قُتلوا هناك سنويًا يفوق عدد القتلى في جميع أنحاء العالم مجتمعين.
وأعرب عن شكره للإدارة الأمريكية لإدراج نيجيريا ضمن قائمة “الدول التي تثير قلقًا خاصًا” فيما يتعلق بانتهاكات الحريات الدينية، لكنه دعا إلى دعم ذلك بفرض عقوبات وتقديم المزيد من الدعم الإنساني للمدنيين النازحين.
دافع مسؤولان كبيران من وزارة الخارجية الأمريكية، جوناثان برات وجاكوب ماكجي، عن نهج الإدارة، مع الاعتراف بوحشية الهجمات. ووصف برات الوضع بأنه “مشكلة أمنية خطيرة للغاية”، وأشار إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى “رفع حماية المسيحيين إلى قمة أولويات الحكومة النيجيرية”.
وأضاف ماكجي أن “مستويات العنف والفظائع التي يرتكبها المسيحيون مروعة”، مؤكدًا أن النيجيريين يتعرضون للقتل بسبب عقيدتهم. وأشار إلى القوانين المتعلقة بتجديف الدين في 12 ولاية شمالية، والتي يمكن أن تصل عقوبتها إلى الإعدام، واصفًا إياها بأنها “غير مقبولة في مجتمع حر وديمقراطي”.
في نهاية الجلسة، حذر سميث من أن الحكومة النيجيرية تتحمل التزامًا دستوريًا بحماية مواطنيها، وإذا لم تتمكن من وقف الإبادة، فيجب على أمريكا – والعالم – ألا يغمضوا أعينهم. يُشير تقرير حديث إلى تصاعد وتيرة الاضطهاد المسيحي في نيجيريا، مما يستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً.
من المتوقع أن تقوم الإدارة الأمريكية بتطوير خطة “لتحفيز وإجبار” الحكومة النيجيرية على حماية المجتمعات الدينية. وستركز الجهود المستقبلية على تقييم مدى فعالية الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة النيجيرية، وتحديد المجالات التي تحتاج إلى دعم إضافي، وتقديم المساعدة الإنسانية للمتضررين من العنف. ويتعين مراقبة تطورات الوضع الأمني في نيجيريا عن كثب، وتقييم تأثير أي تدخلات خارجية على الوضع على الأرض.






