أظهرت دراسة حديثة أن كبار السن الذين يخرجون من المستشفيات وهم يتناولون أدوية متعددة هم أقل عرضة لاستعادة استقلالهم خلال فترة إعادة التأهيل. وتُعرف هذه الحالة بـ تعدد الأدوية، وهي مشكلة متزايدة بين كبار السن، وتؤثر سلبًا على قدرتهم على التعافي بعد المرض أو الإصابة. أجريت الدراسة في اليابان ونشرت نتائجها في مجلة BMC Geriatrics في ديسمبر 2023.

شملت الدراسة 1903 مريضًا يبلغون من العمر 65 عامًا أو أكثر خضعوا لإعادة التأهيل في مستشفى متخصص في اليابان بين أبريل 2017 ومارس 2024. عانى المرضى من واحد من ثلاثة حالات: أمراض الأوعية الدموية الدماغية، أو اضطرابات حركية، أو متلازمة قلة الاستخدام.

تعدد الأدوية وإعادة التأهيل: تأثير ملحوظ على كبار السن

وفقًا للدراسة، كان 62.1٪ من المرضى يتناولون ستة أدوية أو أكثر عند خروجهم من المستشفى، وكان أكثر من 76٪ منهم في الثمانينيات من العمر. كما تبين أن هؤلاء المرضى الذين يتناولون أدوية متعددة كانوا أكثر عرضة لتناول أدوية مثل البنزوديازيبينات (المستخدمة لعلاج القلق والأرق)، والملينات، والأدوية النفسية (التي تستخدم بشكل أساسي لعلاج الاكتئاب والقلق والذهان واضطرابات المزاج الأخرى).

أظهرت النتائج أن المرضى الذين يعانون من تعدد الأدوية والذين يعانون من أمراض الأوعية الدموية الدماغية ومتلازمة قلة الاستخدام سجلوا درجات أقل بشكل ملحوظ في مقياس الاستقلال الوظيفي (FIM)، وهو أداة تستخدم لتقييم قدرة الشخص على أداء الأنشطة اليومية بشكل مستقل، خاصة بعد المرض أو الإصابة أو دخول المستشفى.

تأثير متفاوت حسب الحالة الصحية

في المقابل، لم تظهر أي صلة بين تعدد الأدوية ودرجات FIM لدى المرضى الذين يعانون من اضطرابات حركية. يبدو أن التأثير السلبي لتعدد الأدوية أكثر وضوحًا بين البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 80 عامًا وأولئك الذين يتعافون من حالات مرتبطة بالسكتة الدماغية أو الضعف العام بسبب عدم النشاط.

يشير الباحثون إلى أن هذه النتائج تسلط الضوء على أهمية مراجعة وتقليل الأدوية غير الضرورية لكبار السن الذين يخضعون لإعادة التأهيل. قد يساعد تبسيط نظام الأدوية في تحسين قدرتهم على التعافي واستعادة استقلالهم.

يصف الدكتور مارك سيجل، المحلل الطبيعي الأول لشبكة فوكس نيوز، تعدد الأدوية لدى كبار السن بأنه “اقتراح محفوف بالمخاطر”. وأوضح أن قدرة الجسم على تحمل الأدوية المختلفة واستقلابها بكفاءة تقل مع التقدم في العمر. على سبيل المثال، قد يكون للدواء الذي يسبب النعاس أو الارتباك تأثير أكبر على كبار السن.

وأضاف الدكتور سيجل أن التفاعلات الدوائية تميل أيضًا إلى الزيادة مع تقدم المرضى في العمر، مما يستدعي مراقبة دقيقة من قبل الطبيب. وفي بعض الأحيان، قد يكون “الأقل هو الأكثر” في وصف الأدوية.

أقر الباحثون بوجود بعض القيود في الدراسة. نظرًا لطبيعتها الرجعية والملاحظاتية، فإنها لا تثبت بشكل قاطع أن الأدوية تسببت في النتائج الملحوظة. بالإضافة إلى ذلك، لم تتوفر بيانات حول الجرعات المحددة للأدوية أو شدة إعادة التأهيل.

علاوة على ذلك، أجريت الدراسة في مستشفى واحد فقط، مما قد يحد من إمكانية تعميم النتائج على نطاق أوسع. لذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحوث لتحديد الأدوية المحددة التي تؤثر بشكل أكبر على التعافي واستكشاف أفضل الطرق لتقليل الوصفات الطبية.

من المتوقع أن تركز الأبحاث المستقبلية على تحديد الأدوية التي تساهم بشكل كبير في ضعف نتائج إعادة التأهيل لدى كبار السن. كما ستستكشف الدراسات استراتيجيات لتقييم مراجعة الأدوية بشكل دوري، وتحديد الأدوية غير الضرورية، وتطوير خطط علاجية فردية تأخذ في الاعتبار الحالة الصحية العامة للمريض وعمره. ستساعد هذه الجهود في تحسين جودة حياة كبار السن وتعزيز قدرتهم على التعافي بعد المرض أو الإصابة.

شاركها.