أثار إعلان شركة مايكروسوفت عن إنهاء الدعم الرسمي لنظام ويندوز 10 جدلاً واسعاً في الأوساط التقنية والمستخدمين على حد سواء. يهدف هذا القرار إلى تشجيع الترقية إلى أحدث إصدار من نظام التشغيل، وهو ويندوز 11، ولكنه أثار مخاوف بشأن التكلفة، والتوافق، والأثر البيئي المحتمل. فإنهاء الدعم يعني توقف التحديثات الأمنية المجانية والدعم الفني، مما يعرض المستخدمين لمخاطر أمنية متزايدة.
على الرغم من أن إنهاء الدعم يُعد جزءًا طبيعيًا من دورة حياة أي نظام تشغيل، إلا أن طريقة إدارة مايكروسوفت لهذه العملية أثارت انتقادات. يشير العديد من المراقبين إلى أن المتطلبات الصارمة لنظام ويندوز 11 تجعل الترقية غير ممكنة لملايين الأجهزة، مما يجبر المستخدمين إما على شراء أجهزة جديدة أو الاستمرار في استخدام نظام غير مدعوم.
أسباب انتهاء دعم ويندوز 10
أعلنت مايكروسوفت في عام 2021 أن الدعم الرسمي لويندوز 10 سينتهي في أكتوبر 2025، مع اعتبار الإصدار 22H2 هو الإصدار النهائي. هذا القرار يأتي بعد سنوات من الدعم المستمر للنظام، الذي أطلق لأول مرة في عام 2015 وحظي بشعبية واسعة بين المستخدمين في جميع أنحاء العالم.
وتفسر الشركة خطوتها بالتركيز على تطوير ويندوز 11، والذي يتضمن ميزات جديدة ومحسّنة، بالإضافة إلى الحاجة إلى تقليل الموارد المخصصة لدعم الأنظمة القديمة. بالإضافة إلى ذلك، تسعى مايكروسوفت إلى تعزيز الأمان من خلال تشجيع المستخدمين على الانتقال إلى نظام تشغيل حديث يوفر أحدث الحماية ضد التهديدات السيبرانية.
ومع ذلك، تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 40% من مستخدمي ويندوز لا يزالون يستخدمون ويندوز 10 حتى الآن، على الرغم من إطلاق ويندوز 11 في عام 2021. ويعبر هؤلاء المستخدمون عن قلقهم بشأن الترقية، سواء بسبب تكلفة الأجهزة الجديدة أو بسبب مخاوف تتعلق بالتوافق أو سهولة الاستخدام.
برنامج التحديثات الأمنية الموسعة (ESU)
تقدم مايكروسوفت برنامج “التحديثات الأمنية الموسعة” (ESU) للمستخدمين الذين يرغبون في الاستمرار في استخدام ويندوز 10 بعد انتهاء الدعم الرسمي. يوفر هذا البرنامج تحديثات أمنية حرجة ومهمة فقط، دون تضمين ميزات جديدة أو إصلاحات غير أمنية أو دعم فني شامل. ولكن، ليست هذه الخدمة مجانية، وتتراوح تكلفتها اعتمادًا على نوع المستخدم.
تختلف تكلفة ومدة برنامج ESU بشكل كبير بناءً على ما إذا كان المستخدم فردًا أو مؤسسة تجارية. وتتبنى مايكروسوفت سياسة تحويل الأمان إلى خدمة، حيث ترتبط التحديثات الأمنية باستخدام خدماتها السحابية، مثل “ويندوز باك أب” و “وان درايف”.
متطلبات ويندوز 11 تعيق التوافق
أحد الأسباب الرئيسية للانتقادات الموجهة إلى مايكروسوفت هو المتطلبات التقنية الصارمة لنظام ويندوز 11. يتطلب النظام دعم “الإقلاع الآمن” (Secure Boot) والجيل الثاني من “وحدة المنصة الموثوقة” (TPM). تفرض هذه المتطلبات قيودًا على الأجهزة التي يمكنها تشغيل النظام الجديد، مما يستبعد الأجهزة القديمة على الرغم من قدرتها على أداء المهام اليومية بشكل جيد.
وفقًا لمايكروسوفت، فإن هذه المتطلبات تعزز أمان النظام وتساعد في حمايته من الهجمات السيبرانية. ومع ذلك، يرى البعض أن هذه المتطلبات غير ضرورية وتستخدم كأداة لفرض التقادم المخطط، وبالتالي تحفيز شراء أجهزة جديدة. وقد تمكن المستخدمون من تجاوز هذه المتطلبات، مما يثير تساؤلات حول مدى ضرورتها الفعلية.
كارثة النفايات الإلكترونية المحتملة
يثير قرار إنهاء دعم ويندوز 10 مخاوف بشأن الأثر البيئي المحتمل. تشير تقديرات شركة “كاناليس” إلى أن إنهاء الدعم قد يؤدي إلى تحويل حوالي 240 مليون جهاز حاسوب إلى نفايات إلكترونية، وهو ما يعادل وزن 320 ألف سيارة. تتطلب إعادة تدوير هذه النفايات طاقة كبيرة ومرافق متخصصة، وإذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح، فقد تتسبب في تلوث التربة والمياه.
يدعو العديد من النشطاء والمستهلكين إلى معالجة هذه المشكلة من خلال إعادة تدوير الأجهزة بشكل مسؤول أو إيجاد طرق لإطالة عمرها الافتراضي. كما يطالبون مايكروسوفت بتبني سياسات أكثر استدامة، مثل توفير تحديثات أمنية مجانية لفترة أطول أو تخفيف المتطلبات التقنية لويندوز 11.
مشاكل مايكروسوفت المستمرة المتعلقة بالخصوصية
بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بالتوافق والأثر البيئي، يواجه ويندوز 11 انتقادات تتعلق بالخصوصية. تجمع مايكروسوفت كميات كبيرة من البيانات التشخيصية من المستخدمين وترسلها إلى خوادمها، مما يثير قلق البعض بشأن كيفية استخدام هذه البيانات وحماية خصوصيتهم. وقد شوهدت ممارسات مثل إجبار المستخدمين على استخدام خدمات “وان درايف” و”كوبايلوت” بشكل مقلق من قبل الكثيرين.
يجب على مايكروسوفت أن تكون أكثر شفافية بشأن ممارسات جمع البيانات وأن توفر للمستخدمين المزيد من التحكم في معلوماتهم الشخصية. في الوقت الحالي، تتجه الشركة إلى دمج أدواتها القائمة على الذكاء الاصطناعي وخدماتها السحابية بشكل مكثف، مما قد يدفع المستخدمين إلى الاعتماد بشكل أكبر على منظومتها.
في الختام، فإن إنهاء دعم ويندوز 10 يمثل تحديًا كبيرًا للمستخدمين والشركات على حد سواء. من المتوقع أن تستمر المناقشات حول هذا الموضوع في الأشهر المقبلة، مع تركيز على إيجاد حلول توازن بين الأمان وسهولة الاستخدام والاستدامة البيئية. يجب على مايكروسوفت أن تأخذ هذه المخاوف على محمل الجد وأن تعمل على معالجة هذه القضايا بطريقة مسؤولة وشفافة.






