|

تلعب قناتا السويس وبنما دورًا محوريًا في حركة التجارة العالمية، حيث تربطان بين أهم الممرات البحرية، وتوفران مسارات أسرع وأكثر كفاءة للشحن الدولي.

وفي خطوة لافتة، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السماح لسفنه بالمرور مجانًا عبر القناتين، في تصريح قد يثير جدلاً واسعًا بشأن السيادة لكلا البلدين.

وقال ترامب إنه ينبغي السماح للسفن العسكرية والتجارية التابعة للولايات المتحدة بالمرور عبر قناتي السويس وبنما دون دفع أي رسوم.

وأضاف في منشور على منصة “تروث سوشيال” التابعة “طلبت من وزير الخارجية ماركو روبيو أن يتولى هذا الأمر فورا” معتبرا أن قناتي بنما والسويس ما كان لهما أن توجدا لولا الولايات المتحدة، على حد تعبيره.

وفي هذا التقرير، نستعرض الأبعاد المختلفة لهذه القضية، ونستعرض الأرقام والحقائق المتعلقة بحركة السفن والعائدات الاقتصادية للقناتين، وعدد السفن الأميركية التي تعبرهما، وأهميتهما للتجارة العالمية.

لماذا قناتا السويس وبنما مهمتان للتجارة العالمية؟

تُعدّ قناتا السويس وبنما شريانين أساسيين في التجارة العالمية، إذ تُقلّصان أوقات العبور بشكل كبير، وتُسهّلان عملية نقل البضائع عبر مناطق التجارة الرئيسية.

وتُعد قناة بنما حلقة وصل حيوية للأميركيتين، إذ تُوفّر طريقًا مباشرًا بين المحيطين الهادي والأطلسي.

أما قناة السويس فهي ممر رئيسي للسفن المُسافرة بين أوروبا وآسيا وباقي العالم، مما يُبرز أهميتها في التجارة الدولية.

وتتجلى أهميتهما للتجارة العالمية في النقاط التالية:

قناة السويس يمر عبرها نحو 30% من حركة الحاويات العالمية (رويترز)

قناة السويس أقصر رابط بحري بين آسيا وأوروبا

  • حجم التجارة: تمر عبر قناة السويس حوالي 12% من حجم التجارة العالمية، مما يجعلها طريقًا أساسيًا للبضائع المتنقلة بين آسيا وأوروبا والأميركيتين وفقًا للمعهد البحري الأميركي.
  • نقل الطاقة: تنقل القناة ما يُقدر بنحو 7-10% من النفط العالمي، بالإضافة إلى 8% من الغاز الطبيعي المسال، مما يبرز دورها الحيوي في سلاسل إمداد الطاقة العالمية وفقًا لوزارة الخارجية والتجارة النيوزيلندية.
  • نقل التجارة: يمر عبر القناة نحو 30% من حركة الحاويات العالمية، ناقلةً بضائع تزيد قيمتها على تريليون دولار أميركي سنويًا وفقًا للمصدر السابق.
  • في المتوسط، وفي الأوضاع العادية، تعبر القناة 50 سفينة يوميًا، تحمل بضائع تتراوح قيمتها بين 3 و9 مليارات دولار وفقًا للمصدر السابق.

 قناة بنما: رابط حيوي بين الأطلسي والهادي

  • حجم التجارة: يمر عبر قناة بنما حوالي 6% من التجارة البحرية العالمية، مما يجعلها رابطًا حيويًا بين المحيطين الأطلسي والهادي وفقًا لمنصة “سوبيل للشحن”.
  • التوسعة وزيادة السعة: سمحت توسعة القناة عام 2016 بمرور السفن الأكبر حجماً، مما زاد من قدرتها الاستيعابية بمعدل يقارب 3 أضعاف.

كم عدد السفن التي تمر عبر القناتين سنويًا؟

  • قناة السويس: بلغ عدد السفن التي عبرت قناة السويس العام الماضي 13 ألفا و213 سفينة، مقارنةً بأكثر من 26 ألف سفينة عام 2023، مما يمثل انخفاضًا بنسبة 50% تقريبًا.
    وقال مسؤولون مصريون إن عائدات مصر من قناة السويس انخفضت بنحو الثلثين العام الماضي، بسبب التوترات الإقليمية وحروب الشرق الأوسط التي أثرت على حركة المرور عبر القناة.
  • قناة بنما: يعبرها سنويًا ما بين 13 و14 ألف سفينة وفقًا لهيئة القناة.
    في يناير/كانون الثاني 2024، بلغ متوسط عدد السفن التي عبرت قناة بنما يوميًا حوالي 32.6 ألف سفينة، مما يشير لانخفاض حركة المرور مقارنةً بالأشهر السابقة، بسبب الجفاف الذي أثر على مستويات المياه بالقناة، مما أدى إلى فرض قيود على عدد السفن المسموح بعبورها يوميًا وفقًا لرويترز.

كم تجني مصر وبنما من مال من القناتين؟

  • قناة السويس: قالت هيئة القناة التي تدير الممر المائي إنها حققت إيرادات سنوية قدرها 3.991 مليارات دولار عام 2024، بانخفاض عن أعلى مستوى تاريخي بلغ 10.25 مليارات عام 2023، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس. ويمر عبر القناة نحو 30% من حركة الحاويات العالمية.
  • قناة بنما: عام 2024، حققت القناة إيرادات بلغت نحو 5 مليارات دولار وهو تقريبا نفس الإيراد الذي تحقق عام 2023، أي ما يعادل حوالي 4% من الناتج المحلي الإجمالي لبنما وفقًا لمنصة جمعية ومجلس الأميركيتين (as-coa.org).

كم عدد السفن الأميركية العسكرية والتجارية المارة بالقناتين؟

قناة السويس

  • السفن الحربية: لا تُفصح البحرية الأميركية علنًا عن العدد الدقيق لسفنها الحربية التي تعبر قناة السويس سنويًا لأسباب أمنية عملياتية. وفي تقرير نادر نشر قبل نحو 11 عاما ذكر الأسطول الخامس الأميركي أن هناك ما بين 35 و45 سفينة حربية تابعة تعبر قناة السويس سنويًا.
    علمًا بأنه لا توجد أرقام محددة حول كم تدفع السفن الحربية الأميركية من رسوم مقابل عبور القناة. ولكن وفي تقرير نادر نشره “مكتب المحاسب العام للولايات المتحدة” عام 1982 وذكر فيه أن سلاح البحرية دفع مبلغ 607 ألف دولار لقاء عبور سفنه لقناة السويس من يناير/كانون الثاني 1979 وحتى أغسطس/آب 1981.
  • السفن التجارية: لا يتم نشر بيانات محددة عن عدد السفن التجارية الأميركية التي تعبر قناة السويس سنويًّا بشكل رسمي أو مُفصل من قبل السلطات المصرية أو الأميركية. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من البضائع المتجهة إلى الولايات المتحدة أو القادمة منها يتم نقلها على متن سفن أجنبية تديرها شركات شحن دولية، لذلك فإن حجم التجارة المرتبط بالولايات المتحدة عبر القناة يظل كبيرًا.
صورة جوية تُظهر الحاويات في ميناء بالبو في قناة بنما (رويترز)
حاويات في ميناء بالبو في قناة بنما (رويترز)

قناة بنما

  • السفن الحربية: وفقًا لتقرير نُشر في فبراير/شباط 2025، عبرت القناة حوالي 994 سفينة حربية وغواصة تابعة للبحرية الأميركية بين عامي 1998 و2024، مما يشكل حوالي 0.3% من إجمالي السفن العابرة للقناة خلال تلك الفترة، وفي المتوسط تعبر القناة 38 سفينة حربية أميركية سنويًا وفقًا لمنصة “نيوز روم بنما”.
    وعام 2023، بلغت رسوم عبور القناة 341 ألف دولار أميركي في المتوسط لكل سفينة، مقارنةً بـ215 ألف دولار عام 2018، بزيادة قدرها 59%. ومن المفترض أن تدفع سفن البحرية الأميركية رسومًا سنوية قدرها 12.9 مليون دولار وفقًا للمصدر السابق.
  • السفن التجارية: لا يتم نشر أرقام دقيقة عن عدد السفن التجارية الأميركية التي تعبر القناة سنويًّا، لأن الهيئات الرسمية (مثل هيئة قناة بنما أو الإدارة البحرية الأميركية) لا تُفصِّل البيانات حسب الجنسية أو الملكية.

ومع ذلك، تحدث لويس إي سولا رئيس اللجنة البحرية الفدرالية الأميركية -في بيان أمام لجنة التجارة والعلوم والنقل بمجلس الشيوخ عن أهمية قناة بنما للتجارة الأميركية- قائلا “يعبر هذا الممر المائي أكثر من 40% من حركة الحاويات الأميركية، والتي تُقدر قيمتها بنحو 270 مليار دولار سنويًا. ولا تقتصر حركة المرور بالقناة على سفن الحاويات، بل تستخدمها مختلف أنواع السفن (سفن الحاويات، سفن الركاب، سفن البضائع السائبة والبضائع السائبة، ناقلات المنتجات) لنقل البضائع من وإلى الولايات المتحدة”.

وختامًا، وفي ضوء الأهمية البالغة التي تحظى بها قناتا السويس وبنما في حركة التجارة العالمية، تبرز تصريحات ترامب لتفتح نقاشًا حساسًا حول قضايا السيادة الاقتصادية والحقوق التاريخية. فبينما تؤكد الأرقام أن القناتين تمثلان مصدرين حيويين للإيرادات الوطنية في مصر وبنما، وتعكسان أهمية استثنائية في دعم سلاسل الإمداد العالمية، تبقى مسألة فرض الرسوم على العبور جزءًا أصيلًا من السيادة الوطنية لكل دولة.

ومع استمرار الاعتماد الدولي على هذين الممرين الحيويين، فإن أي تغييرات في قواعد المرور أو العوائد الاقتصادية ستترك آثارًا عميقة على التجارة العالمية وعلى الاقتصادات المرتبطة بهما بشكل مباشر.

شاركها.