النوم الجيد ليس مجرد رفاهية، بل هو عامل أساسي في الصحة العامة وطول العمر. دراسة حديثة أجرتها جامعة أوريغون للصحة والعلوم في الولايات المتحدة، تشير إلى وجود صلة قوية بين قلة النوم وانخفاض متوسط العمر المتوقع، حتى أكثر من تأثير النظام الغذائي أو ممارسة الرياضة. وقد نشرت النتائج في مجلة SLEEP Advances في 12 سبتمبر 2025.

اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات وطنية واسعة النطاق من الولايات المتحدة، حيث قام الباحثون بمقارنة بيانات متوسط العمر المتوقع على مستوى المقاطعات مع بيانات المسح التي جمعتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بين عامي 2019 و 2025. ركز التحليل على تحديد العوامل السلوكية التي ترتبط بشكل كبير بمتوسط العمر المتوقع.

قلة النوم وتأثيرها على متوسط العمر المتوقع

أظهرت النتائج أن قلة النوم كانت من بين أهم العوامل المرتبطة بانخفاض متوسط العمر المتوقع، متفوقة على عوامل أخرى مثل النظام الغذائي، وممارسة الرياضة، والشعور بالوحدة. وقد أشار الباحثون إلى أن هذا الارتباط كان قوياً وثابتاً عبر معظم المقاطعات والسنوات التي تم تحليلها.

صرح الدكتور أندرو ماك هيل، المؤلف الرئيسي للدراسة والأستاذ في جامعة ولاية أوريغون للصحة والعلوم، بأنه لم يتوقع أن يكون النوم مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بمتوسط العمر المتوقع. وأضاف أن هذه النتائج تؤكد أهمية الحصول على قسط كافٍ من النوم، مشيراً إلى أن السعي للحصول على 7 إلى 9 ساعات من النوم في الليلة يجب أن يكون أولوية.

آليات تأثير النوم على الصحة

على الرغم من أن الدراسة لم تحدد بشكل قاطع الآليات التي تربط بين قلة النوم وانخفاض متوسط العمر المتوقع، إلا أن الباحثين يعتقدون أن النوم يلعب دوراً حاسماً في تنظيم العديد من العمليات الفسيولوجية الهامة. تشمل هذه العمليات صحة القلب والأوعية الدموية، ووظيفة الجهاز المناعي، ووظائف الدماغ المعرفية.

تشير الأبحاث السابقة إلى أن الحرمان من النوم يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، وضعف الاستجابة المناعية، وزيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر قلة النوم سلباً على وظائف الدماغ، مما يؤدي إلى صعوبة التركيز، وضعف الذاكرة، وزيادة خطر الإصابة بالخرف.

وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، يُعتبر النوم الكافي هو الحصول على 7 ساعات على الأقل في الليلة. هذا التوصية مدعومة أيضًا من قبل الأكاديمية الأمريكية لطب النوم وجمعية أبحاث النوم.

تُظهر الدراسة أهمية النظر إلى النوم كعنصر أساسي في نمط الحياة الصحي، إلى جانب التغذية السليمة والنشاط البدني المنتظم. إن إعطاء الأولوية للنوم يمكن أن يكون له تأثير كبير على الصحة العامة وطول العمر.

الخطوات المستقبلية والاعتبارات

يخطط الباحثون لمواصلة دراسة العلاقة بين النوم والصحة، مع التركيز على تحديد الآليات البيولوجية التي تربط بينهما. كما يهدفون إلى استكشاف التدخلات التي يمكن أن تساعد الأفراد على تحسين عادات نومهم. من المهم ملاحظة أن هذه الدراسة تظهر ارتباطًا، وليست بالضرورة علاقة سببية مباشرة.

من المتوقع أن يتم نشر المزيد من التحليلات التفصيلية لهذه البيانات في الأشهر القادمة، مما قد يوفر رؤى أعمق حول تأثير النوم على الصحة العامة. يجب على الأفراد المهتمين بتحسين صحتهم أن يراقبوا هذه التطورات وأن يتبنوا عادات نوم صحية بناءً على أحدث الأدلة العلمية. بالإضافة إلى ذلك، فإن فهم العوامل الأخرى التي تؤثر على متوسط العمر المتوقع، مثل الوصول إلى الرعاية الصحية، والظروف الاجتماعية والاقتصادية، يظل أمرًا بالغ الأهمية.

شاركها.