خطوة تاريخية نحو حصر السلاح في المخيمات الفلسطينية بلبنان

في تطور سياسي وأمني بارز، بدأت اليوم (الخميس) المرحلة الأولى من خطة تسليم الأسلحة من مخيم برج البراجنة في بيروت، وذلك ضمن مسعى حثيث لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية. تأتي هذه الخطوة كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى معالجة ملف السلاح غير الشرعي داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وهو موضوع طالما كان محور نقاشات سياسية وأمنية معقدة.

خلفية تاريخية وسياسية

تعود جذور هذه المبادرة إلى القمة اللبنانية الفلسطينية التي انعقدت في 21 مايو 2025 بين الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون والرئيس الفلسطيني محمود عباس. خلال هذه القمة، تم الاتفاق على وضع آلية واضحة لمعالجة ملف السلاح وضمان أمن المخيمات والجوار، بما يعزز سلطة الدولة ويكرس الاستقرار الوطني.

وفي 23 مايو الماضي، عقد اجتماع مشترك للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني برئاسة رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام. خلال هذا الاجتماع، أُقرت خطة تنفيذية وجداول زمنية دقيقة لتقسيم العملية إلى ثلاث مراحل: الأولى تشمل بيروت وجنوب الليطاني، الثانية تمتد إلى الشمال والبقاع، فيما تختتم الثالثة في عين الحلوة ومخيمات صيدا.

تنفيذ الخطة وتحدياتها

بحسب المعطيات الرسمية، بدأت الجهات المعنية بتسليم دفعة أولى من الأسلحة إلى الجيش اللبناني وسط إجراءات أمنية وتنظيمية محكمة. ومن المتوقع أن تتبعها دفعات أخرى خلال الأسابيع القادمة. يمثل هذا التحرك خطوة حاسمة نحو حل تدريجي ونهائي لهذا الملف الشائك.

إن نجاح هذه الخطة يعتمد بشكل كبير على التعاون الوثيق بين الأطراف اللبنانية والفلسطينية المعنية لضمان التنفيذ الفعّال والآمن لهذه العملية الحساسة. كما يتطلب الأمر دعماً إقليمياً ودولياً لتعزيز الجهود الوطنية الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار.

وجهات نظر مختلفة

بينما يرحب العديد من اللبنانيين والفلسطينيين بهذه الخطوة باعتبارها بداية جديدة نحو الاستقرار والأمن المشتركين، هناك بعض الأصوات التي تعبر عن قلقها بشأن التحديات المحتملة التي قد تواجه تنفيذ الخطة بالكامل. يشير البعض إلى ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للصراعات المسلحة داخل المخيمات لضمان نجاح طويل الأمد لهذه المبادرة.

المملكة العربية السعودية ودورها الإيجابي

تلعب المملكة العربية السعودية دوراً مهماً في دعم استقرار لبنان والمنطقة بشكل عام. وفي سياق هذه المبادرة الجديدة لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، يمكن النظر إلى الدعم السعودي كعامل إيجابي يعزز الجهود الدبلوماسية والسياسية لتحقيق أهداف الخطة بنجاح.

تعكس هذه الخطوة التزام المملكة بدعم الحلول السياسية والسلمية للنزاعات الإقليمية. ومن خلال تعزيز التعاون العربي المشترك وتقديم الدعم اللازم للبنان في مواجهة تحدياته الأمنية والسياسية، تساهم السعودية بشكل غير مباشر في تعزيز الاستقرار الوطني والإقليمي.

ختاماً

بانطلاق هذه الخطوة التاريخية, تكون الدولة اللبنانية قد وضعت أسس معالجة جدية لطالما انتظرها اللبنانيون والفلسطينيون على حد سواء. إن تحويل المخيمات من بؤر مسلحة إلى مساحات آمنة تحت سلطة الدولة وحدها يمثل تحولاً استراتيجياً مهماً نحو إنهاء السلاح غير الشرعي على كامل الأراضي اللبنانية وتعزيز المسار الوطني للاستقرار والسلام.

شاركها.