شهدت أسعار البلاتين ارتفاعاً ملحوظاً بعد إطلاق بورصة قوانغتشو في الصين عقوداً مستقبلية جديدة للمعدن، مما أثار التفاؤل بزيادة الطلب من قبل ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وارتفع سعر البلاتين الفوري في لندن بنسبة تصل إلى 3.8%، مقترباً من 1650 دولاراً للأونصة، محققاً أعلى مستوى له في أكثر من شهر. يأتي هذا الارتفاع في أعقاب زيادة كبيرة في واردات الصين من البلاتين في أكتوبر، مما يشير إلى استعداد السوق الصيني لهذا التطور.

جاء إطلاق هذه العقود في وقت تشهد فيه أسواق المعادن الثمينة تقلبات، مع تراجع أسعار الذهب والفضة بشكل طفيف في الجلسة الصباحية بتوقيت سنغافورة. ومع ذلك، يظل البلاتين هو المعدن الأفضل أداءً بين المعادن الرئيسية هذا العام، مدفوعاً بمجموعة من العوامل تتعلق بالعرض والطلب.

ارتفاع أسعار البلاتين: العوامل المحركة والآثار

أدى إطلاق العقود الآجلة للبلاتين في بورصة قوانغتشو إلى زيادة كبيرة في حجم التداول، حيث ارتفعت العقود الآجلة للتسليم في يونيو بنسبة تصل إلى 12% قبل أن تعتدل المكاسب. تهدف هذه العقود الجديدة، التي تعتمد على التسليم الفعلي للمعدن، إلى جذب كل من المؤسسات الاستثمارية والمستثمرين الأفراد، وبالتالي توسيع قاعدة المشاركة في السوق الصيني.

زيادة الطلب الصيني على البلاتين

وقبل إطلاق العقود الآجلة، سجلت واردات الصين من البلاتين 10.2 طن في أكتوبر، وهو ما يمثل أكثر من ضعف الكمية المسجلة في نفس الشهر من العام الماضي، وفقاً لبيانات شركة “غوتاي جونان فيوتشرز”. يعكس هذا الارتفاع توقعات السوق الصيني بتزايد الطلب على المعدن، خاصة في قطاعات مثل صناعة السيارات والتحويلات الصناعية.

تأثير إلغاء الحوافز الضريبية

بالإضافة إلى إطلاق العقود الآجلة، ساهم إلغاء حوافز ضريبية كانت تستفيد منها شركة “تشاينا بلاتينوم” الحكومية للتجارة في الأول من نوفمبر في زيادة التدفقات الاستيرادية للبلاتين. كان هذا الحافز الضريبي يمنح الشركة ميزة تنافسية في سوق البلاتين، وإلغاؤه يتوقع أن يخلق فرصاً أكبر للمشاركين الآخرين في السوق.

يعتبر البلاتين عنصراً أساسياً في محولات السيارات التي تقلل الانبعاثات الضارة، مما يجعله عنصراً حيوياً في التحول نحو المركبات الأنظف. مع تعزيز الصين للوائح البيئية وتشجيع تبني السيارات الكهربية والهجينة، من المتوقع أن يستمر الطلب على البلاتين في النمو.

أداء البلاتين مقارنة بالمعادن الأخرى

منذ بداية العام، ارتفعت أسعار البلاتين بأكثر من 70%، مسجلة أداءً قريباً من الفضة ومتفوقة بشكل كبير على أداء الذهب. يعزى هذا الارتفاع إلى عوامل متعددة، بما في ذلك استمرار العجز في المعروض العالمي للبلاتين، والذي يتوقع أن يستمر للعام الثالث على التوالي. كما أن التكهنات بإمكانية فرض رسوم جمركية أمريكية على البلاتين أثارت مخاوف بشأن الإمدادات، مما دفع الأسعار إلى الارتفاع.

في المقابل، تراجعت أسعار الذهب بنسبة 0.3% لتصل إلى 2324.75 دولاراً للأونصة، بينما انخفضت الفضة بنسبة 1% بعد ارتفاعها بنسبة 3.7% في اليوم السابق. كما انخفض سعر البلاديوم، في حين بلغ سعر البلاتين 1618.05 دولار.

يشير الخبراء إلى أن سوق البلاتين يواجه تحديات تتعلق بالإمدادات، خاصة من جنوب أفريقيا، أحد أكبر منتجي البلاتين في العالم. تواجه عمليات التعدين في جنوب أفريقيا صعوبات بسبب نقص الطاقة والبنية التحتية المتدهورة، مما أثر على الإنتاج وأدى إلى ارتفاع الأسعار.

يعتبر استمرار الطلب القوي من الصين، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه الإمدادات من جنوب أفريقيا، من العوامل الرئيسية التي قد تدعم أسعار البلاتين في الأشهر المقبلة. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض المخاطر التي تهدد ارتفاع الأسعار، مثل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وزيادة أسعار الفائدة.

من المرجح أن تستمر بورصة قوانغتشو في نشر تحديثات يومية لمستويات المخزون في المستودعات، مما يوفر رؤية أكبر حول وضع سوق البلاتين في الصين. سيراقب المستثمرون عن كثب هذه التحديثات لتقييم اتجاهات العرض والطلب واتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. من المتوقع أيضاً أن تشهد الأسابيع القادمة المزيد من الوضوح بشأن مسار سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكية بشأن أسعار الفائدة، مما قد يؤثر على أسعار المعادن الثمينة بشكل عام.

شاركها.