نفذت جمعية قطر الخيرية مؤخرًا حزمة مشاريع مائية هامة في الصومال، تهدف إلى التخفيف من آثار الجفاف المزمن وتحسين حياة السكان المحليين. وشملت هذه المشاريع حفر 73 بئراً سطحية في مناطق مختلفة من البلاد، مما يوفر المياه لما يزيد عن 36 ألف شخص. يأتي هذا الجهد في وقت تشهد فيه الصومال أزمة إنسانية حادة تتفاقم بسبب تغير المناخ والظروف الاقتصادية الصعبة.

أهمية مشاريع المياه في الصومال

تعتبر مشاريع المياه من أهم التدخلات الإنسانية في الصومال، حيث يعاني الكثير من السكان، وخاصة في المناطق الريفية، من نقص حاد في الوصول إلى المياه النظيفة والصالحة للشرب. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن الصومال من بين البلدان الأكثر عرضة لخطر الجفاف في العالم، مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية وزيادة الاعتماد على المساعدات الخارجية. تستهدف هذه المبادرات توفير المياه بشكل مستدام، وتقليل المسافات التي يقطعها السكان للحصول عليها.

توزيع الآبار الجديدة

تم توزيع الآبار المحفورة حديثًا على عدة أقاليم صومالية، حيث حصل إقليم هيران على أكبر عدد من الآبار، وتحديدًا 28 بئراً. يلي ذلك إقليم بكول بـ20 بئراً، ثم إقليم باي بـ15 بئراً، بينما تم تنفيذ 10 آبار في إقليم جذو. يعكس هذا التوزيع تركيز قطر الخيرية على الوصول إلى المناطق الأكثر احتياجًا وسكانها المتضررين.

صرح عبد الفتاح آدم معلم، مدير مكتب قطر الخيرية في الصومال، بأن توفير المياه يمثل أولوية قصوى في جهود المنظمة الإنسانية، مشيرًا إلى أن المياه هي أساس الحياة والصحة والاهتمام بالتنمية المستدامة. وأضاف أن هذه المشاريع تساهم بشكل مباشر في تحسين الصحة العامة ودعم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات المحلية.

بينت الإحصائيات أن قطر الخيرية نفذت 78 مشروع مياه خلال العام الماضي، استفاد منها أكثر من 140 ألف شخص. تأتي هذه المشاريع في إطار جهود أوسع لدعم القطاعات الحيوية في الصومال، مثل التعليم والصحة والتغذية، وتعزيز التنمية المستدامة في المناطق الأشد تضررًا.

وتشير التقارير الصادرة عن مركز “رصد” الصومالي إلى أن عدد المتضررين من الجفاف والأزمات المتفاقمة في البلاد بلغ حوالي 3.9 مليون شخص في عام 2023. يشمل هؤلاء المتضررين النازحين داخليًا، والمواطنين الذين يعانون من نقص الغذاء والمياه، والمجتمعات الرعوية التي فقدت أعدادًا كبيرة من مواشيها بسبب الجفاف. تتطلب هذه الأزمة الإنسانية استجابة عاجلة ومنسقة من جميع الجهات المعنية.

بالإضافة إلى الجفاف، يواجه الصومال تحديات أخرى، مثل الصراعات المسلحة والتهديدات الأمنية، والتي تعيق جهود التنمية وتزيد من معاناة السكان. وتؤثر هذه العوامل سلبًا على إنتاج الغذاء وتوفر المياه، مما يزيد من خطر المجاعة وسوء التغذية. وتهدف مشاريع المياه التي تنفذها قطر الخيرية إلى معالجة هذه التحديات بشكل مباشر وتحسين الظروف المعيشية للمجتمعات المحلية.

يستمر العمل في الصومال على تطوير حلول طويلة الأمد لأزمة المياه، بما في ذلك بناء السدود والخزانات، وإعادة تأهيل أنظمة الري التقليدية، وتعزيز الوعي بأهمية ترشيد استهلاك المياه. كما تعمل المنظمات الدولية والمحلية على دعم المبادرات التي تهدف إلى تحسين إدارة الموارد المائية وتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على التكيف مع تغير المناخ. من المتوقع أن تواصل قطر الخيرية جهودها في هذا المجال خلال الفترة المقبلة، من خلال تنفيذ المزيد من المشاريع المائية وتقديم الدعم الفني والمالي للمجتمعات المحلية.

في السياق العام، تتزايد أهمية إيجاد حلول مستدامة لأزمة المياه في الصومال، خاصة مع استمرار تأثيرات تغير المناخ وتوقعات بزيادة حالات الجفاف في المستقبل. وسيتطلب ذلك تعاونًا وثيقًا بين الحكومة الصومالية والمنظمات الدولية والمحلية والمجتمعات المحلية، وتخصيص الموارد اللازمة لتنفيذ المشاريع المائية وتعزيز إدارة الموارد المائية. من المرتقب أن يتم تقييم أثر المشاريع الحالية خلال الأشهر القادمة، وسيتم بناءً على نتائج هذا التقييم، وضع خطط جديدة لتوسيع نطاق هذه المبادرات وتلبية الاحتياجات المتزايدة للمجتمعات المتضررة.

شاركها.