يستعد قطاع تصنيع وتجميع السيارات في مصر لمرحلة توسع جديدة، بقيادة استثمارات عالمية ضخمة في التجميع المحلي، حسبما كشف مسؤولون لـ”الشرق”، في وقت تشهد أسعار السيارات الجديدة انخفاضاً ملحوظاً في السوق المصرية.

تخطط شركة “نيسان مصر” لضخ استثمارات بقيمة إجمالية تبلغ 45 مليون دولار، مقسمة على 25 مليون دولار كاستثمارات مباشرة و20 مليون دولار كاستثمارات غير مباشرة خلال عامي 2025 و2026، حسبما أفاد محمد عبدالصمد، العضو المنتدب للشركة في حديث لـ”الشرق” على هامش النسخة العاشرة من قمة “مصر أوتوموتيف”. 

وأشار إلى أن “نيسان” تُعد أكبر مصدّر لسيارات الركوب في مصر بإجمالي 25 ألف سيارة منذ نهاية 2022 وحتى نهاية 2025، بمتوسط نمو سنوي يتراوح بين 15% و20%. أضاف أن الشركة تستعد للإعلان عن طراز جديد بإنتاج محلي بالكامل خلال الفترة المقبلة.




من جانبه، قال محمد قنديل، الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة “غلوبال أوتو”، إن الشركة بدأت تجميع سيارة “جيلي X3” محلياً في مصر استعداداً لتسليمها للمستهلكين العام المقبل، باستثمارات جديدة تقدر بنحو 200 ألف يورو.

وأشار إلى أن السوق المصرية شهدت نمواً بنسبة تتجاوز 80% خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025 مقارنة بالعام السابق، متوقعاً استمرار النمو خلال 2026 بمعدل يتراوح بين 20% و30%.

ارتفعت صادرات مصر من السيارات ومكوناتها إلى 891 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، بزيادة سنوية قدرها 9%، مدعومة بانتعاش الصناعة وتوسع الشركات العالمية في التجميع المحلي عقب إعلان حوافز حكومية، وفقاً لتصريحات شريف الصياد، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، في مقابلة سابقة مع “الشرق”.

اقرأ أيضاً: أين وصلت مصر بخطة توطين صناعة السيارات؟

كانت الحكومة المصرية أطلقت قبل أشهر الاستراتيجية الوطنية لصناعة السيارات، التي تستهدف رفع نسبة المكون المحلي في المركبات المنتجة محلياً، وتوسيع قدرات التصدير، وخلق آلاف فرص العمل.

تسعى القاهرة إلى مضاعفة إنتاج السيارات إلى 260 ألف وحدة سنوياً بحلول عام 2026، مقارنة بنحو 95 ألف وحدة حالياً، مع استهداف تجاوز 400 ألف سيارة بحلول عام 2030، وتخصيص ربع الإنتاج للتصدير بما قد يدرّ على البلاد نحو 4 مليارات دولار سنوياً.

اقرأ أيضاً: مصر تعتزم إنشاء مدينة لإنتاج السيارات ومكوناتها في دفعة لتوطين الصناعة

من جهته، أكد محمد أبو جلالة عضو شعبة الصناعات المغذية للسيارات باتحاد الصناعات المصرية، أن 3 شركات ضمن القطاع تستعد لإنتاج مكونات لم تكن تُصنع سابقاً في مصر، منها مصابيح السيارات وأجزاء من هيكل المركبات، باستثمارات لا تقل عن 5 ملايين دولار بين عامي 2026 و2027.




أسعار السيارات في مصر تشهد تصحيحاً

تأتي هذه المخططات، في وقت تواصل أسعار السيارات الجديدة تراجعها. وأظهر رصد أجرته “الشرق” أن التراجع بلغ نحو 23.3% على أساس سنوي خلال الربع الثالث من عام 2025، للأشهر من يوليو إلى سبتمبر.

كما أظهرت بيانات مجلس معلومات سوق السيارات “أميك” أن مبيعات السيارات في البلاد قفزت 59.8% خلال سبتمبر على أساس سنوي إلى 15.2 ألف سيارة. 

رأى عبدالصمد أن الأسعار الحالية تعكس “عودة التوازن” إلى السوق بعد فترة من الارتفاعات، موضحاً أن انخفاض سعر الدولار من نحو 50 إلى 47 جنيهاً أسهم في تراجع الأسعار، إلى جانب اشتداد المنافسة بين الوكلاء والشركات الجديدة الساعية للحصول على حصة سوقية.

وأشار إلى أن المنافسة القوية دفعت بعض الشركات إلى تقديم أسعار أكثر جذباً للعملاء، ما خلق “منافسة صحية” في السوق.

أما قنديل، فاعتبر أن الأسعار شهدت “تصحيحاً” بعد عامين من نقص المعروض، خصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية التي أسفرت عن صعوبة في تأمين العملات الأجنبية، موضحاً أن تحسّن الإمدادات واستقرار السوق دفعا الأسعار نحو مستويات أكثر واقعية.

وأجمع المسؤولان على أن مرحلة التخفيضات الكبيرة انتهت، وأن الأسعار مرشحة للاستقرار خلال الفترة المقبلة، مع استمرار النمو في حجم المبيعات، وتحسّن بيئة التصنيع والتجميع داخل مصر.

شاركها.