بدأ قطاع التصنيع الصيني، وهو أحد الركائز الأساسية للاقتصاد العالمي، في استعادة عافيته جزئيًا مع نهاية عام 2024، بعد فترة من التباطؤ نتيجة تراجع الطلب العالمي والتوترات الجيوسياسية. وجاء هذا الانتعاش مدفوعًا بحزم تحفيز حكومية ضخمة هدفت إلى إنعاش الاقتصاد وتخفيف تأثيرات الضغوط الاقتصادية العالمية، وفق ما أوردته صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست” على موقعها.
إشارات تعافي بقطاع التصنيع
وفقًا لأحدث بيانات المكتب الوطني للإحصاء في الصين، ارتفع مؤشر مديري المشتريات (PMI) التصنيعي إلى 51.2 نقطة في نوفمبر، متجاوزًا حاجز الـ 50 نقطة الذي يُعد الفاصل بين الانكماش والنمو. ويُعد هذا المستوى الأعلى منذ أكثر من عام، مما يعكس توسعًا متجددًا في النشاط الصناعي.
كما أظهرت بيانات الإنتاج الصناعي نموًا بنسبة 4.3% على أساس سنوي في أكتوبر ونوفمبر، مع تحسن ملحوظ في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والآلات الثقيلة، المدعومة بمبادرات حكومية لتعزيز التصدير والاستهلاك المحلي.
اقرأ أيضاً: الصين مهددة بخسارة 1% من ناتجها المحلي في 2025 بسبب ترامب
حزم تحفيز من الحكومة الصينية
لعبت حزم التحفيز الحكومية التي أُطلقت منذ منتصف العام الجاري دورًا محوريًا في دعم قطاع التصنيع، بما في ذلك تخفيض الضرائب، وتقديم إعفاءات ضريبية واسعة للشركات الصغيرة والمتوسطة لتحفيز الإنتاج وتخفيف الأعباء المالية. إضافة إلى زيادة الإنفاق العام، وتعزيز الاستثمار في البنية التحتية الذكية والطاقة المتجددة، مما وفّر طلبًا إضافيًا على المنتجات الصناعية. مع دعم الابتكار، وتقديم إعانات للشركات العاملة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة لتطوير منتجات جديدة وتحسين تنافسيتها عالميًا.
تحديات أمام قطاع التصنيع
رغم هذا التعافي الجزئي، لا يزال القطاع يواجه تحديات عدة، من أبرزها: تباطؤ الطلب الخارجي، حيث يظل الطلب العالمي ضعيفًا بفعل ارتفاع تكاليف الاقتراض في الأسواق الغربية. وتقلبات سلاسل التوريد، فاستمرار تأثير التوترات التجارية والجيوسياسية على تدفقات المواد الخام والمكونات الأساسية. وضغوط الديون، حيث تواجه العديد من الشركات المصنعة في الصين صعوبة في الحصول على التمويل اللازم بسبب ارتفاع مستويات الدين المحلي.
اقرأ أيضاً: تينسنت الصينية تتحدى هيمنة الشركات الأمريكية على الحوسبة السحابية
توقعات مستقبلية للاقتصاد الصيني
مع استمرار الحوافز الحكومية وتركيز الصين على تعزيز النمو المستدام، من المتوقع أن يواصل قطاع التصنيع التعافي في عام 2025. وتشير تقديرات خبراء الاقتصاد إلى نمو القطاع بنسبة تتراوح بين 4-5% خلال العام المقبل، بدعم من زيادة الطلب المحلي وتوسيع الاستثمارات في الابتكار.
وبينما لم يصل قطاع التصنيع الصيني بعد إلى ذروته السابقة، يُظهر الانتعاش الأخير علامات على نجاح السياسات التحفيزية الحكومية. ومع مواجهة التحديات المستمرة، ستظل قدرة الصين على تحقيق التوازن بين التحفيز الاقتصادي والاستدامة طويلة الأجل عاملًا حاسمًا في مستقبل هذا القطاع الحيوي.