وافق الاتحاد الأوروبي مبدئيًا على خطة لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل إعادة إعمار أوكرانيا، وهي خطوة تهدف إلى توفير دعم مالي وعسكري كبير لكييف بينما تعاني من تداعيات الحرب المستمرة. وتثير هذه الخطة، المعروفة باسم “قرض التعويضات”، جدلاً واسعًا داخل الاتحاد، حيث يخشى البعض من المخاطر القانونية والمالية المحتملة. يناقش الاتحاد الأوروبي حاليًا التفاصيل الدقيقة لكيفية تنفيذ هذا الإجراء، مع تحديد موعد نهائي لاتخاذ قرار نهائي في 18 ديسمبر.
أشارت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية، كاجا كالاس، إلى أن الموافقة على قرض التعويضات ستمنح الاتحاد الأوروبي نفوذًا أكبر في المفاوضات التي تهدف إلى إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا. جاء هذا الرد على التحذيرات الأخيرة التي أطلقها رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي فيفر، والتي أعربت عن قلقه العميق بشأن الآثار المحتملة للخطة.
أهمية قرض التعويضات لأوكرانيا والاتحاد الأوروبي
ترى كالاس أن القرض يرسل ثلاث رسائل مهمة في هذه المرحلة من الصراع. أولاً، يظهر لأوكرانيا أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بمساعدتها في الدفاع عن نفسها. ثانيًا، يبعث برسالة إلى موسكو مفادها أن روسيا لن تتمكن من إرهاق الدعم الغربي. وأخيرًا، يؤكد لواشنطن أن الاتحاد الأوروبي يتخذ خطوات قوية وموثوقة لدعم أوكرانيا.
وتعارض روسيا بشدة هذه الخطة، مما دفع كالاس إلى التأكيد على أن استجابة الاتحاد الأوروبي يجب أن تكون عكس ما تريده موسكو. يُعدّ قرض التعويضات أحد الخيارات الثلاثة الرئيسية التي قدمتها المفوضية الأوروبية لتلبية الاحتياجات المالية والعسكرية لأوكرانيا خلال العامين المقبلين.
تقترح الخطة إنشاء خط ائتمان بفائدة صفرية لأوكرانيا من خلال تحويل الأصول الروسية المجمدة. وسيتعين على كييف سداد القرض فقط إذا وافقت موسكو على تعويض الأضرار الناجمة عن حربها. تبلغ قيمة معظم هذه الأصول حوالي 185 مليار يورو، وهي مودعة في Euroclear، وهي مؤسسة إيداع أوراق مالية مركزية مقرها بلجيكا، مما يجعل بلجيكا طرفًا رئيسيًا في هذه المناقشات.
اعتراضات بلجيكا والمخاوف القانونية
في الأسبوع الماضي، أرسل رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي فيفر رسالة قاسية إلى المفوضية الأوروبية ينتقد فيها الاقتراح باعتباره “خاطئًا بشكل أساسي” ومليئًا بـ “مخاطر متعددة” قد تؤدي إلى خسائر بمليارات اليوروهات في المحاكم. وشدد دي فيفر على أنه لن يلتزم بتعريض بلجيكا وحدها لمثل هذه المخاطر.
بالإضافة إلى ذلك، وصف دي فيفر هذا المشروع غير المجرب بأنه عقبة أمام جهود الإدارة الأمريكية الرامية إلى التوصل إلى اتفاق سلام بين أوكرانيا وروسيا. ويرى أن المضي قدمًا في قرض التعويضات قد يمنع التوصل إلى حل سلمي. وذكرت تقارير أن دي فيفر سيوافق على القرض فقط إذا قدم قادة الاتحاد الأوروبي ضمانات مكتوبة شاملة لتغطية الأصول الروسية وجميع المخاطر المرتبطة بها، والتي قد تتجاوز 185 مليار يورو.
في المقابل، ترى كالاس أن الاستفادة من الأصول الروسية هي “الخيار الأكثر جدوى” لأنها ستجنب إلقاء العبء المالي على ميزانيات الدول الأعضاء وتجعل موسكو تدفع ثمن الدمار الذي أحدثته. كما ذكرت أن المساهمات الثنائية قد تؤدي إلى توزيع غير عادل للأعباء، في حين أن إصدار ديون مشتركة “خارج النقاش” بالنسبة لبعض العواصم.
تأتي هذه المناقشات في سياق أوسع من البحث عن حلول مالية طويلة الأجل لدعم أوكرانيا. بالإضافة إلى قرض التعويضات، يناقش الاتحاد الأوروبي خيارات أخرى مثل الميزانية المشتركة أو إصدار ديون مشتركة. وتعتبر مسألة “التمويل طويل الأجل” ضرورية لضمان استقرار أوكرانيا الاقتصادي.
أثار تدخل دي فيفر العلني حالة من الذعر بين قادة الاتحاد الأوروبي. ويجب أن يتخذوا قرارًا بشأن مصدر تمويل جديد لأوكرانيا بحلول اجتماعهم في 18 ديسمبر. و إذا فشل قرض التعويضات، فسيتعين على الاتحاد الأوروبي جمع ما لا يقل عن 45 مليار يورو لتغطية احتياجات كييف لعام 2026.
وفي تطور ذي صلة، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد استضافته الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في باريس، إنه يكن “احترامًا كبيرًا” لدي فيفر ومخاوفه “المشروعة” ويأمل في التوصل إلى “حل مناسب” قبل عطلة عيد الميلاد. ويتوقف أيضًا قرار صندوق النقد الدولي بشأن برنامج بقيمة 8.1 مليار دولار لأوكرانيا على الحصول على التزامات قوية من الحلفاء الأوروبيين لضمان الاستقرار الاقتصادي الكلي لكييف.
من المتوقع أن تكشف المفوضية الأوروبية عن النصوص القانونية لقرض التعويضات هذا الأسبوع، مما قد يمهد الطريق لمزيد من المناقشات والتفاوضات لتهدئة المخاوف المطروحة. ويبقى مصير هذا القرض غير مؤكدًا، ويتعين مراقبة ردود فعل الدول الأعضاء، وخاصة بلجيكا، عن كثب في الأيام المقبلة.






