شهدت العاصمة النمساوية فيينا، يوم السبت، مظاهرة حاشدة شارك فيها مئات الأشخاص تحت شعار “من أجل السلام والحياد ونمسا ذات سيادة”، احتجاجًا على دعم الحكومة النمساوية لإسرائيل وتخليها، وفق المشاركين، عن مبدأ الحياد التاريخي الذي تميّزت به البلاد لعقود.
وانطلقت المظاهرة من ساحة كريستيان برودا بلاتز بدعوة من منظمات المجتمع المدني، حيث رفع المشاركون الأعلام الفلسطينية ورددوا شعارات من قبيل “الحرية، السلام، الحياد” و”الحرية لفلسطين”، إلى جانب لافتات حملت عبارات مثل “من أجل سلامنا وحيادنا” و”فلسطين حرة من النهر إلى البحر”.
وطالب المتظاهرون بوقف تصدير الأسلحة إلى مناطق النزاع، مؤكدين أن استمرار الحكومة في دعم إسرائيل يُعد تواطؤًا في جرائم الإبادة بحق الفلسطينيين في غزة.
وفي كلمة ألقاها خلال التظاهرة، انتقد عضو البرلمان الأوروبي عن سلوفاكيا لووبوش بلاها سياسة الاتحاد الأوروبي، متهمًا إياه بازدواجية المعايير، إذ قال: “نفرض العقوبات على روسيا، لكننا نتجاهل الإبادة في غزة، وهذا هو الجُرم الحقيقي”.
ووصف “بلاها” رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه “مجرم حرب ووحش سياسي”، معتبرًا أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يتحملان مسؤولية المشاركة في هذه الجرائم من خلال صمتهما ودعمهما المتواصل لإسرائيل.
وخلال العامين الماضيين، ووفق معطيات فلسطينية، أسفرت الحرب الإسرائيلية على غزة المستمرة منذ 8 أكتوبر 2023 عن استشهاد أكثر من 68 ألف فلسطيني وإصابة نحو 170 ألفًا آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، وسط حصار خانق تسبب في مجاعة أودت بحياة المئات. ورغم ذلك، استمر الدعم الغربي لتل أبيب، ما أثار موجة غضب عالمية متزايدة ضد سياسات الكيل بمكيالين في التعامل مع الأزمات الإنسانية.
وفي 9 أكتوبر الجاري، تم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، استنادًا إلى خطة توسط فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ودخلت المرحلة الأولى من الاتفاق حيز التنفيذ في اليوم التالي، وسط آمال حذرة بإنهاء معاناة المدنيين في القطاع.
وتأتي هذه التحركات الشعبية في النمسا ضمن تصاعد موجة من الاحتجاجات الأوروبية الداعمة لفلسطين، والتي تعكس تحوّلًا متزايدًا في الرأي العام تجاه سياسات الغرب في الشرق الأوسط. ويرى مراقبون أن الموقف الشعبي الأوروبي بات يتحدى رواية الحكومات، مطالبًا بإعادة النظر في علاقة الاتحاد الأوروبي بإسرائيل وبإحياء مفهوم الحياد الإنساني والسياسي الذي شكل أحد ركائز أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
كما تشير التحليلات إلى أن استمرار مثل هذه المظاهرات في العواصم الأوروبية، بما فيها فيينا وبرلين وباريس، قد يشكّل ضغطًا متصاعدًا على الحكومات الغربية لتبني مواقف أكثر اتزانًا، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بعد عقود من الانحياز الواضح لإسرائيل تحت ذرائع الأمن ومكافحة الإرهاب.