أشعل مقطع فيديو قصير عاصفة من الجدل على منصات التواصل ،الثلاثاء، بعدما قيل إنه يوثق اعتداء عنيفا على امرأة مسلمة ترتدي النقاب في وضح النهار، بأحد شوارع بلجيكا المزدحمة.

وسرعان ما صاحب انتشار الفيديو روايات مثيرة، كان أبرزها أن المرأة حوصرت وتعرضت للضرب في مدينة أنتويرب على يد رجال مسلمين لأنها “كشفت عن ذراعيها” رغم أنها منقبة.

ومع إعادة النشر من قبل حسابات مؤثرة، معظمها يمينية وإسرائيلية، تحول المقطع إلى مادة مشحونة بالتعليقات والتحليلات الهجومية، وسط مزاعم تتحدث عن عودة ما تسمى بـ”الدوريات الدينية” إلى قلب أوروبا.

فما حقيقة ما جرى في شارع “ماير” المزدحم بمدينة أنتويرب؟ ولماذا احتشد المارة حول المرأة وسط مشهد فوضوي؟ وما الذي استدعى تدخل الشرطة على عجل؟ هل كانت الحادثة بدافع ديني كما زعمت بعض الروايات، أم أن خلف هذه اللقطات المقتضبة قصة أخرى، أكثر تعقيدا؟

الادعاء

بدأت القصة مع مقطع فيديو قصير، لا تتجاوز مدته دقيقة واحدة، نشر على منصة “إكس” بزعم أنه يوثق اعتداء جماعيا على امرأة مسلمة بعدما كشفت عن ذراعيها، قبل لحظات من تدخل الشرطة في موقع الحادثة.

وخلال وقت قصير، التقطت حسابات إسرائيلية وأخرى أوروبية يمينية المشهد، وأعادت تداوله بكثافة، في حين لعب السياسي البلجيكي الفلامندي سام فان روي -المعروف بخطابه المعادي للإسلام- دورا بارزا في دفعه إلى واجهة الجدل، من دون أي إشارة إلى سياقه الحقيقي أو خلفياته.

وفي خضم إعادة نشر المقطع، ظهرت رواية أكثر إثارة للجدل تحت عنوان “دوريات الدين في أنتويرب”، وزعمت حسابات داعمة لإسرائيل على “إكس” أن امرأة مسلمة خرجت في طقس حار وذراعاها عاريتان، قبل أن يحاصرها مجموعة وصفوها بتعبير “الإخوة المسلمين” في الشارع ويعتدوا عليها بوحشية، في صيغة بدا معها الاعتداء ذا خلفية دينية.

خطاب عدائي

وبين تحذيرات من “الخطر الإسلامي” وغياب “الأمن في أوروبا”، تحولت اللقطات إلى وقود لخطاب عدائي تجاه المسلمين، بعد أن حققت بعض التغريدات مئات آلاف المشاهدات في غضون ساعات فقط، وسط بيئة رقمية، تُعيد تكرار نفس الصور والتعليقات العدائية بالسردية نفسها على نطاق واسع.

ورافق الفيديو موجة تعليقات تزعم أن المشهد يعكس “الفجوة الثقافية العميقة بين المهاجرين المسلمين وقيم الغرب” وتحذر من أن الدعوة إلى “تدمير إسرائيل” و”إقامة دولة فلسطينية” سيقود إلى واقع يتجاهل حقوق النساء، إذ دعا مروجو هذا الخطاب إلى تداول الفيديو عالميا بوصفه “ناقوس خطر”، مما أضفى على القصة بعدا أيديولوجيا يتجاوز حدود الحادثة نفسها.

رواية الشرطة

وفي رد رسمي على الجدل الذي أثاره المقطع، أكدت صحف ووسائل إعلام بلجيكية أن الادعاءات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي تفتقر إلى الدقة، موضحة أن الفيديو لا يوثق “اعتداء على امرأة مسلمة”، بل اعتقال سيدة ارتكبت عملية سرقة من متجر.

ونقلت وسائل إعلام بلجيكية عن شرطة مدينة أنتويرب قولها “المزاعم التي تفيد بأن امرأة مسلمة تعرضت للضرب أو المضايقة بسبب مظهرها أو ملابسها غير صحيحة”، مضيفة أن الحادثة وقعت يوم 20 يوليو/تموز الماضي، لكن الصور والمقاطع بدأت بالانتشار مؤخرا على شبكة الإنترنت.

وبحسب الشرطة، فإن المرأة أخرجت مقصا من حقيبتها اليدوية، وأصابت به يد أحد الموظفين بالمتجر أثناء محاولتها الهروب، قبل أن يتمكن عدد من المارة من توقيفها، وأنها أحيلت لاحقا إلى قاضي التحقيق بعد القبض عليها، ليتبين أنها “مدانة في قضايا سرقة سابقة”.

تتبع أصل المقطع

وتتبع فريق “الجزيرة تحقق” أصل الفيديو للتأكد من تفاصيله وسياقه، ليتبين أن رواية الشرطة البلجيكية هي المطابقة للحقيقة، ويعتقد أن السيدة ارتدت النقاب بهدف التخفي.

وقاد البحث العكسي إلى أن المقطع نفسه نشر على منصة “تيك توك” في 21 يوليو/تموز الماضي، مما يؤكد أن الحادثة ليست جديدة كما روجت بعض الحسابات.

@monir__solo__

#belgium #antwerpen #nadorcity😍♓ #nador #rif #nederland #الشعب_الصيني_ماله_حل😂😂

♬ orijinal ses – 🕷️

كما تمكن الفريق من تحديد الموقع الدقيق للحادثة باستخدام أداة “التجول الافتراضي” (Street View)، حيث جرى توقيف السيدة المتهمة بالسرقة أمام القصر الملكي في شارع مار بمدينة أنتويرب شمالي بلجيكا.

شاركها.