تداولت مقاطع فيديو على نطاق واسع عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا) تدعي قيام قوات شرطة مسلحة بمداهمة المنازل في حي شارلوتنبورغ ببرلين لتسجيل الشباب في الجيش الألماني. وقد أثارت هذه المقاطع جدلاً واسعًا وتسببت في انتشار معلومات مضللة حول التجنيد الإجباري في ألمانيا وهولندا. التحقق من الحقائق كشف أن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة.
أظهرت عمليات التحقق أن الفيديو المتداول تم تصويره في مدينة ليواردن الهولندية وليس في برلين. وقد أكدت تقارير إعلامية محلية هولندية أن عناصر مسلحة نفذت دورية في وسط المدينة في 12 ديسمبر، لكنها لم تكن مرتبطة بأي عملية تجنيد. هذا الأمر يأتي في ظل تزايد القلق بشأن انتشار الأخبار الكاذبة المتعلقة بالخدمة العسكرية في أوروبا.
التحقق من الادعاءات حول التجنيد الإجباري
أفادت وكالة “RB Nieuws” الإخبارية الهولندية أن الجنود كانوا يشاركون في ما يسمى “دورية اجتماعية”، بهدف التواصل مع الجمهور وإظهار قربهم. وذكرت وزارة الدفاع الهولندية لفريق التحقق من الحقائق “The Cube” التابع لـ Euronews أن الجنود ينتمون إلى كتيبة المشاة المدرعة 44، الأمير يوهان ويلهلم فرسو، وأنهم كانوا متواجدين في مركز مدينة ليواردن في أوائل ديسمبر.
أوضحت الوزارة أن هذه الدورية كانت عبارة عن جولة غير رسمية وغير عملياتية في مكان عام، حيث كُلّف الجنود بالإجابة على الأسئلة وإجراء محادثات حول عملهم. وأشارت إلى أن مثل هذه الأنشطة تهدف إلى “تعزيز العلاقة بين وزارة الدفاع والمجتمع”.
التجنيد في هولندا وألمانيا: الواقع والقانون
لا يوجد حاليًا تجنيد إجباري نشط في هولندا. وأكدت الحكومة الهولندية أن وزارة الدفاع لا تستدعي مجندي الخدمة الإلزامية للجيش وليس لديها خطط للقيام بذلك. ومع ذلك، لا يزال التجنيد الإجباري من الناحية القانونية قائماً في هولندا، ولكنه معلق منذ عام 1997.
في ألمانيا، سيُطلب من الذكور الذين يبلغون 18 عامًا ملء استبيان إلزامي بعد تغيير في القانون في أغسطس. تتم هذه العملية عبر الإنترنت وليست شخصيًا، ولا تزال المشاركة في القوات المسلحة طوعية. هذا التغيير أثار بالفعل موجة من المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي.
من المهم التأكيد على أن الشرطة في كل من ألمانيا وهولندا لا تقوم بمداهمة المنازل بحثًا عن مجندي الخدمة الإلزامية. في هولندا، يتلقى الأفراد خطابًا من الحكومة عند بلوغهم 17 عامًا لتسجيلهم للخدمة العسكرية المحتملة.
تأتي هذه الادعاءات الكاذبة في وقت تشهد فيه أوروبا نقاشات متزايدة حول تعزيز القدرات العسكرية في ظل التوترات الجيوسياسية المستمرة مع روسيا. وقد أثارت القرارات الحكومية المتعلقة بتحديث الخدمة العسكرية موجة من التضليل، خاصة فيما يتعلق بإمكانية إلزام النساء بالخدمة، على الرغم من أن الدستور الألماني يحد من التجنيد الإجباري للرجال فقط.
حالياً، تسعة دول فقط في الاتحاد الأوروبي لديها خدمة عسكرية إلزامية. بينما تستكشف دول أعضاء أخرى مثل ألمانيا وفرنسا إصلاحات لجذب المزيد من المتطوعين. وفي الحالات التي يكون فيها التجنيد الإجباري فعالاً في أوروبا، يتم تنفيذه من خلال إجراءات إدارية وقانونية، وعادةً ما تكون عن طريق رسائل واستدعاءات رسمية، وليس عن طريق جنود مسلحين يطرقون أبواب المنازل.
تتزايد أهمية التحقق من المعلومات في العصر الرقمي، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الحساسة مثل التجنيد الإجباري. يجب على المستخدمين توخي الحذر والتحقق من مصادر المعلومات قبل مشاركتها، لتجنب المساهمة في انتشار الأخبار الكاذبة.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول مستقبل الخدمة العسكرية في أوروبا في ظل التحديات الأمنية المتزايدة. وستراقب الحكومات عن كثب التطورات الجيوسياسية وتقييم الحاجة إلى تعديل سياساتها المتعلقة بالدفاع والأمن. من المهم أيضًا متابعة جهود مكافحة المعلومات المضللة والتأكد من وصول المعلومات الدقيقة إلى الجمهور.






