في تطور سياسي متسارع، شهدت جمهورية غينيا بيساو تولّي جنرال عسكري رئاسة انتقالية بعد الإطاحة بالرئيس عمر سيسوكو إمبالو. يأتي هذا الحدث ليؤجج حالة عدم الاستقرار في منطقة غرب أفريقيا، ويثير مخاوف دولية وإقليمية متزايدة بشأن مستقبل الديمقراطية و**الانقلابات العسكرية** في القارة. وقد جرت مراسم أداء اليمين في العاصمة بيساو وسط أجواء من الترقب والحذر.

السياق المتصاعد للانقلابات في غينيا بيساو وغرب أفريقيا

يُعدّ هذا الانقلاب الأحدث في سلسلة من التدخلات العسكرية التي اجتاحت دول غرب أفريقيا خلال السنوات الأخيرة. فبعد مالي وبوركينا فاسو والنيجر، تجد غينيا بيساو نفسها في قلب أزمة سياسية مماثلة. يرى مراقبون أن هذا التوجه يعكس تزايد الاستياء الشعبي من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، وضعف الحكومات المدنية في معالجة هذه المشكلات.

تاريخ غينيا بيساو من عدم الاستقرار السياسي

غينيا بيساو ليست بغريبة على الانقلابات؛ فمنذ استقلالها عام 1974 عن البرتغال، عانت البلاد من سلسلة طويلة من الصراعات والانقلابات العسكرية، حيث شهدت أربعة انقلابات ناجحة والعديد من المحاولات الفاشلة. وقد أدت هذه الحالة من عدم الاستقرار إلى إضعاف المؤسسات الحكومية وتأخير التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وحالياً، يتزايد الحديث عن دور محتمل لـ **الحركة السياسية** في البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، لطالما واجهت غينيا بيساو تحديات مرتبطة بـ **تجارة المخدرات** الدولية، مما أثر على الأمن والاستقرار في البلاد وزاد من نفوذ بعض العناصر العسكرية. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، تُعدّ غينيا بيساو نقطة عبور رئيسية لشحنات الكوكايين القادمة من أمريكا اللاتينية والمتجهة إلى أوروبا.

استجابة إيكواس والمجتمع الدولي

أعربت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) عن إدانتها الشديدة للانقلاب، ودعت إلى الإفراج الفوري عن الرئيس المخلوع وإعادة تنصيبه. وقد هددت إيكواس بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على غينيا بيساو، كما فعلت في حالات مماثلة في دول المنطقة الأخرى.

من جانبها، دعت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى العودة الفورية إلى النظام الدستوري. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على أهمية احترام إرادة الشعب من خلال انتخابات حرة ونزيهة. كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ إزاء التطورات الأخيرة في غينيا بيساو، وحث على حل الأزمة بالطرق السلمية والديمقراطية.

التداعيات المحتملة والمخاطر المقبلة

من المتوقع أن يواجه النظام الانتقالي الجديد ضغوطًا كبيرة من المجتمع الدولي والإقليمي لإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية تهدف إلى استعادة الديمقراطية وتحسين الأوضاع المعيشية للشعب. ومع ذلك، قد يواجه هذا النظام تحديات كبيرة في تحقيق هذه الأهداف، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة ووجود معارضة قوية من بعض القوى السياسية.

هناك أيضًا خطر من أن يشجع هذا الانقلاب على تكرار السيناريو في دول أخرى في المنطقة، مما قد يؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار وزيادة المعاناة الإنسانية. ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة العفو الدولية، فإن الانقلابات العسكرية غالبًا ما تكون مصحوبة بانتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب والإعدام خارج نطاق القانون.

نظرة مستقبلية

في الوقت الحالي، يترقب المراقبون ما إذا كانت القيادة العسكرية ستلتزم بوعودها بإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن، وكم ستستغرق الفترة الانتقالية. ويُعدّ تحديد جدول زمني واضح وموثوق به لإعادة الانتقال إلى الحكم المدني أمرًا بالغ الأهمية لتجنب المزيد من التصعيد وإعادة الثقة في العملية السياسية. يبقى الوضع في غينيا بيساو هشًا وغير مؤكد، ويتطلب مراقبة دقيقة وجهودًا مكثفة من جميع الأطراف المعنية لضمان مستقبل ديمقراطي ومستقر للبلاد.

شاركها.