في الوقت الذي يكافح فيه سكان قطاع غزة للبقاء على قيد الحياة وسط حصار خانق ومجاعة متفاقمة، يظهر تهديد صحي جديد ينذر بكارثة إنسانية أكثر تعقيدا، بعد تسجيل عشرات الإصابات بمرض عصبي نادر وخطير يعرف باسم “متلازمة غيلان باريه”.

ويضرب المرض الجهاز العصبي ويؤدي إلى شلل مفاجئ، وقد تفاقمت حدته خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة بين الأطفال، في ظل انهيار النظام الصحي، ونقص التغذية، وتلوث المياه، ما أثار موجة قلق واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وبحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، تم تسجيل 95 حالة إصابة بمتلازمة “غيلان باريه” خلال الفترة الأخيرة، من بينها 45 حالة لأطفال، في حين سجلت 3 وفيات خلال الأسبوع الأخير فقط، وهو ما يمثل قفزة خطيرة مقارنة بالمعدل الطبيعي الذي لا يتجاوز حالة واحدة سنويا في القطاع.

وقال المدير العام لوزارة الصحة الدكتور منير البرش، إن المرض يبدأ بفقدان القدرة على تحريك العضلات في الأطراف السفلية، ثم يمتد تدريجيا إلى باقي أجزاء الجسم، وقد يؤدي إلى صعوبة في التنفس وحتى الوفاة.

وأضاف البرش عبر منصة “إكس” أن تفشي المرض بهذا الشكل يشير إلى انهيار كامل في المنظومة الصحية بفعل الحصار الإسرائيلي، ومنع دخول الأدوية والمغذيات، مشددا على أن المرض مرتبط ارتباطا مباشرا بتلوث المياه وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال.

في السياق ذاته، عبر مغردون عن خشيتهم من أن تتحول أجساد الأطفال إلى مجال خصب لانتشار المرض، في ظل بيئة توصف بأنها “سامة”، نتيجة التلوث الواسع في شبكات المياه، وانهيار خدمات الصرف الصحي، وتفشي سوء التغذية بين السكان.

وأكد مغردون آخرون أن سوء التغذية، الذي أدى إلى ضعف مناعة بين السكان وخصوصا عند آلاف الأطفال، يجعل المرض أكثر فتكا، محذرين من أن استمرار هذا الواقع سيؤدي إلى كارثة صحية أشد فتكا من الجوع نفسه.

وكتب أحد النشطاء: “لا نعلم أي ناقوس خطر يمكن دقه أولا.. هل هو الجوع، أم القصف، أم المرض، أم المياه الملوثة، أم القتل بالمساعدات؟”.

كما تناقل مواطنون شهادات توثق لحظات إصابة ذويهم، أبرزها قصة الطفل أمير ضهير، الذي كتب أحد جيرانه: “أمير لم يكن يعاني من شيء. فجأة أصيب بشلل كامل، وبعد أسبوع توفي”.

وفي شهادة أخرى، كتبت إحدى الناشطات: “ابن أختي عمره 9 سنوات، مصاب بـ GBS. فجأة فقد الحركة تماما، وأصيب بشلل في الأطراف. لا يوجد له علاج في غزة سوى العلاج الطبيعي، ولا يتوافر أي دواء فعال”.

وشكا العديد من المواطنين من غياب العلاج المناسب في مستشفيات القطاع، وسط تحذيرات من أن “إذا لم يتم إدخال الدواء، خصوصا للأطفال، فإن غزة قد تواجه موتا جماعيا بسبب هذا المرض”.

ودعا مغردون وناشطون المؤسسات الصحية الدولية إلى التحرك العاجل، وتوفير العلاج للمصابين، لا سيما الأطفال، محذرين من كارثة صحية جديدة تلوح في الأفق إذا استمر الإهمال وغياب الدعم في ظل صمت دولي مخزٍ.

من جهة أخرى، حمل مدونون الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية تفشي الأمراض، من خلال سياسات ممنهجة لتدمير البنية التحتية، بما في ذلك شبكات المياه والصرف الصحي، ما خلق بيئة خصبة لتفشي الأوبئة، وساهم في تدهور الأمن الصحي والمعيشي. ورأى آخرون أن هذه السياسات تهدف إلى إفراغ القطاع من سكانه، ليس فقط بالقصف والتجويع، بل أيضا بخلق بيئة قاتلة تنشر الأمراض وتجعل الحياة مستحيلة.

شاركها.