دعت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، دول مجلس التعاون الخليجي إلى العمل على تعميق التكامل التجاري والمالي، واستغلال مزاياها الاستراتيجية في الطاقة لإحداث تطور نوعية بمجال الذكاء الاصطناعي.
غورغييفا نوّهت، بمقابلة مع “الشرق” أجرتها الإعلامية نور عماشة على هامش الاجتماع السنوي المشترك مع وزراء المال والاقتصاد ومحافظي البنوك المركزية بدول مجلس التعاون الخليجي المنعقد في الكويت، بأن دول الخليج حققت “أداءً قوياً جداً خلال السنوات الماضية، ولا تزال تمثل نقطة مضيئة بالأفق الاقتصادي العالمي في ظل الإصلاحات القوية التي اتبعتها، وزيادة دور القطاع الخاص في اقتصاداتها”.
وشدّدت مديرة صندوق النقد على أهمية تعميق التكامل التجاري الخليجي، عبر زيادة حجم التجارة البينية، وتقديم موقف موحد عند التفاوض التجاري مع الآخرين، وتوسيع نطاق التكامل التجاري لصالح المنطقة بأكملها.
كما أوصت “بتعزيز التكامل التجاري سواء داخل المجلس أو مع الشركاء الخارجيين (ولاسيما أفريقيا)، بما في ذلك تبسيط الحواجز غير الجمركية والتفاوض بشأن الاتفاقيات”.
اقرأ أيضاً: صندوق النقد يتوقع تسارع النمو في الخليج 1% سنوياً خلال 2025 و2026
تكامل أسواق المال الخليجية
بخصوص التكامل المالي، أكدت غورغييفا أن دول الخليج “قطعت شوطاً طويلاً في خلق بيئة قوية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة”. لكنها رأت أن بإمكانها فعل المزيد عبر “تعميق الأسواق المالية أكثر، ودمج أسواق رأس المال على مستوى دول المجلس كافة”.
وفي كلمتها بالاجتماع السنوي المشترك، لفتت إلى أن زيادة التكامل المالي داخل مجلس التعاون، عبر توحيد الأطر التنظيمية والإشراف المنسق، ستؤدي إلى تحقق فوائد كبيرة.
الذكاء الاصطناعي
مديرة صندوق النقد الدولي اعتبرت أن “وفرة الطاقة تُعدُّ من أبرز المزايا الاستراتيجية لاقتصادات الخليج”، موضحة أن تطوير الذكاء الاصطناعي يتطلب مراكز بيانات تستهلك كميات هائلة من الطاقة. فعلى سبيل المثال، “نتوقع قريباً أن يصل استهلاك الطاقة الناتج عن احتياجات الذكاء الاصطناعي إلى ما يعادل نصف الاستهلاك الكلي للطاقة في الولايات المتحدة”.
تولي دول الخليج أهمية متزايدة للذكاء الاصطناعي. في السعودية تُعدُّ “هيوماين”، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، محوراً رئيسياً في هذه الجهود. وبدأت الشركة مؤخراً إنشاء أول مراكز بيانات لها في المملكة وتُخطط لتشغيلها مطلع عام 2026. كما تعمل على شراء أشباه الموصلات من شركات أميركية مصنّعة للرقائق، بما في ذلك “إنفيديا” (Nvidia)، وتخطط لإضافة مراكز بيانات بسعة 1.9 غيغاواط بحلول 2030.
“هيوماين” السعودية تدرس شراكة ذكاء اصطناعي مع “بلاك روك” و”بلاكستون”
ومؤخراً، استثمر جهاز قطر للاستثمار في جولة تمويل بالغة قيمتها 13 مليار دولار لشركة “أنثروبيك” (Anthropic). فيما تخطط شركة “إم جي إكس” (MGX)، الواقع مقرها في أبوظبي، لتمويل خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب “ستارغيت”، كما دعمت “أوبن إيه آي” (OpenAI) و”إكس إيه آي”، وتعاونت مع “بلاك روك” و”مايكروسوفت” (Microsoft) في خطة بقيمة 30 مليار دولار لبناء مستودعات بيانات وبنية تحتية للطاقة.
تنويع اقتصادات الخليج
مديرة صندوق النقد الدولي أشادت بجهود دول مجلس التعاون الخليجي في تنويع الاقتصاد، وصمود اقتصادات المنطقة بمواجهة الرسوم الجمركية “التي كان تأثيرها محدوداً على صادرات دول المنطقة، إذ تراوح بين 0.1% في الكويت و8% في البحرين”. متوقعةً أن يتسارع نمو دول الخليج لما بين 3% و3.5% في العام الحالي، على أن يقترب من 4% في العام المقبل، مدفوعاً بالقطاعات غير النفطية، والتراجع عن تخفيضات إنتاج النفط، والتوسع في قطاع الغاز الطبيعي.
وأضافت غورغييفا أن تنويع الاقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي “يعتمد على قطاع خاص ديناميكي، حيث أحرزت دول مجلس التعاون تقدماً في مجال الجاهزية للذكاء الاصطناعي، والاستثمار، وجذب المواهب”.