منذ ما يقارب العقدين، تحكم حركة حماس قبضتها على قطاع غزة، لتتحول من فصيل مقاوم إلى سلطة أمر واقع تدير شؤون أكثر من مليوني إنسان يعيشون تحت حصار خانق.

ومع تراكم الضغوط الإسرائيلية والإقليمية والدولية، بات السؤال الملح.. هل تملك الحركة القدرة على الاستمرار بنفس النفوذ، أم أن المشهد السياسي يوشك على إعادة تشكيله؟

النفوذ الراسخ رغم العواصف

يرى اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي، أن حماس، منذ سيطرتها على القطاع عام 2007، استطاعت بناء شبكة متينة من التحالفات الداخلية وإحكام السيطرة الأمنية، مما مكنها من الصمود في وجه أزمات متتالية. لكن هذا الصمود له ثمن؛ فالحصار الإسرائيلي الممتد، والانكماش الاقتصادي، قلصا من مساحة المناورة أمام قيادة الحركة.

بوصلتها الإقليمية والتحالفات الخارجية

بحسب السيد، فإن مستقبل حماس لا يتحدد فقط بقدرتها العسكرية أو الشعبية، بل أيضًا بمدى صلابة علاقاتها مع القوى الإقليمية الداعمة. فأي تغير في مواقف هذه الأطراف سواء كان بدافع الضغط الدولي أو تبدل الأولويات قد يقلب موازين القوى في غزة، ويفتح الباب أمام ترتيبات جديدة قد تضعف قبضة الحركة على القطاع.

شارع متقلب بين الولاء والسخط

رغم شدة التحديات، لا تزال حماس تحظى بقاعدة جماهيرية معتبرة، مستندة إلى خطاب المقاومة وبرامج الدعم الاجتماعي. لكن هذه الشعبية ليست محصنة؛ إذ تضعف مع تردي الظروف المعيشية، وارتفاع نسب البطالة والفقر، مما يخلق موجات من السخط قد تتحول إلى ضغط داخلي متزايد على قيادة الحركة.

ضغوط دولية وسيناريوهات مفتوحة

المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يربط أي اعتراف أو تعامل مع حماس بمدى التزامها بالحلول السياسية ونبذ العنف. ووفق تقدير السيد، فإن السيناريوهات المقبلة تتراوح بين استمرار الحركة في الحكم وسط أزمة مستمرة، أو الدخول في تسوية سياسية تقلص من نفوذها، أو حتى إعادة تموضعها كقوة سياسية تعمل من خارج السلطة في غزة.

البقاء رهن التكيف

يرى السيد أن حماس ستظل لاعبًا أساسيًا في غزة على المدى القريب، مدعومة بقدراتها العسكرية وعلاقاتها الإقليمية. لكن البقاء على المدى البعيد يتطلب مراجعة استراتيجية عميقة، توازن بين مشروع المقاومة ومتطلبات حياة الناس. وحتى إن تخلت الحركة عن السلاح، فإن تاريخها ومخزونها الشعبي قد يتيحان لها العودة كلاعب سياسي قوي، لكن ذلك يبقى رهين تغيّر المعادلة الإسرائيلية وهو أمر يبدو بعيدًا في ظل سياسات حكومة نتنياهو.

شاركها.