في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي تتشابك الحياة اليومية مع أزمات لا تنتهي، إذ تقف إرادة المواطنين أمام التحديات بحلول مبتكرة، مما دفعهم إلى البحث عن وسائل بديلة لمواجهة متطلبات الحياة اليومية، والتغلب على الظروف القاسية التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.

فعلى سبيل المثال، اضطر سكان غزة للعودة إلى الوراء لعقود، واستخدموا أفران الطين في صناعة الخبز لتيسير أمورهم الحياتية وتعزيز مقومات صمودهم بعد انقطاع الوقود والكهرباء نتيجة منع إسرائيل وصولهما إلى القطاع منذ بداية العدوان.

وتتشابك الأزمات الاقتصادية والإنسانية لتترك بصمتها على كل تفاصيل الحياة، ووسط أزمات الوقود والدقيق التي تعصف بالقطاع تبرز قصة الروائي الفلسطيني محمود عبد المجيد عساف الذي عرض عليه شخص يمتلك فرنا شراء ما تبقى من مكتبته لاستخدامها وقودا للخَبز على النار.

وكتب الروائي محمود عساف عبر حسابه على منصة فيسبوك أنه تلقى اتصالا هاتفيا من شخص لديه فرن يعرض عليه شراء ما تبقى من مكتبته لأغراض الخَبز على النار، قائلا “يبدو أنني سأضطر للموافقة لضيق الحال، ليتني مت قبل هذا”.

وأشار عساف إلى أن مكتبته -التي يبلغ عمرها 35 عاما- تحتوي على 30 ألف عنوان، وكان آخر تحديث لها في يناير/كانون الثاني 2023 بإضافة 250 كتابا جديدا من معرض القاهرة الدولي للكتاب.

وتعليقا على منشور والده، كتب محمد عساف عن المكتبة قائلا “هذه المكتبة التي جمّعها والدي ساهمت في بناء شخصياتنا وتفكيرنا، ولنا معها ذكريات كالأهل”.

واستذكر موقفا مؤثرا مع والده “أتذكر حينما كنت يا والدي تلومني حينما آخذ منها كتابا وأطيل قراءته ولا أعيده إليها، من شده تعلقك بها أذكر حين كنت تلمس الكتب بحنو وتشتم رائحتها كملاذ للروح ومكانا نجد فيه أنفسنا، فلكل رف من هذه الرفوف مرحلة جميلة من مراحل الوصول، ولكل كتاب قصة مميزة تُروى في الحصول عليه”.

بدوره، ذكر عماد محسن معلقا على المنشور أن أولاده أخرجوا مئات الكتب من تحت ركام المنزل بعد قصفه، وتم الاحتفاظ بها في خيمة، لكن اضطروا لحرقها جميعا لإشعال أفران الطين، بما في ذلك شهادات التقدير والدروع التذكارية.

****داخلية**** المكتبة ليست مجرد كتب

أما وفاء بركة فعلقت على المنشور ذاته “أقيمت المآتم حتى في قلوبنا، راحت مكتبتي الصغيرة تحت ركام بيت أخي الذي تعهد لي بحفظها بعد سفري، ولليوم لم يكف قلبي عن إقامة المآتم لها”.

****داخلية**** المكتبة ليست مجرد كتب

وتعكس هذه القصص تداخلها مع صور انتشار أفران الطين والطوابير المزدحمة أمام المخابز، في انعكاس واضح لواقع مرير يضرب قطاع غزة بكل شيء، بدءا من الفكر والإبداع وصولا إلى أبسط ضروريات الحياة.

شاركها.