تشهد المحيطات الأوروبية تصاعدًا في عمليات تهريب المخدرات، خاصةً الكوكايين، مما دفع السلطات إلى زيادة جهودها لمكافحة هذه الظاهرة. وتستخدم شبكات الجريمة المنظمة طرقًا متزايدة التعقيد، بما في ذلك الغواصات الصغيرة شبه الغارقة، المعروفة باسم “غواصات المخدرات”، لعبور المحيط الأطلسي. وتواجه الدول الأوروبية تحديًا كبيرًا في مواجهة هذا التدفق المتزايد من المخدرات، حيث تقدر معدلات الاعتراض بنسبة تتراوح بين 5% و 10% فقط.
تزايد عمليات تهريب الكوكايين عبر المحيط الأطلسي
أفادت تقارير إخبارية حديثة بأن الولايات المتحدة تزيد من عملياتها ضد قوارب تهريب المخدرات، بما في ذلك تدمير السفن وقتل طواقمها. في المقابل، يركز الحلفاء الأمريكيون عبر المحيط الأطلسي على مكافحة مماثلة، ولكن بأساليب مختلفة. وقال آرثر فاز، رئيس شرطة مكافحة المخدرات في البرتغال، في تصريحات لشبكة فوكس نيوز، إن أوروبا “تغرق حرفيًا بالكوكايين”.
طرق التهريب المتطورة
تعتمد شبكات الجريمة المنظمة على عدة طرق لتهريب المخدرات إلى أوروبا، بما في ذلك سفن الشحن والقوارب السريعة. ومع ذلك، فإن الطريقة الأكثر إثارة للقلق هي استخدام “غواصات المخدرات”، وهي زوارق صغيرة شبه غارقة تحمل كميات كبيرة من الكوكايين. غالبًا ما تكون هذه الزوارق مطلية بألوان زرقاء أو رمادية داكنة لتمويهها في مياه المحيط الأطلسي العاصفة، مما يجعل اكتشافها أمرًا صعبًا.
في خريف هذا العام، تمكنت السلطات البرتغالية من اعتراض غواصة مخدرات في منتصف المحيط الأطلسي، وعثرت على متنها على 1.7 طن من الكوكايين. ومع ذلك، يقر المسؤولون الأوروبيون بأن العديد من هذه الزوارق تتمكن من الوصول إلى وجهتها بنجاح. ويشير سام وولستون، الصحفي الاستقصائي المتخصص في الجريمة المنظمة، إلى أن معدلات الاعتراض منخفضة للغاية، مما لا يكفي لردع هذه الشبكات.
استراتيجيات المكافحة الأوروبية
تختلف استراتيجيات المكافحة الأوروبية عن تلك المتبعة من قبل الإدارة الأمريكية. بدلاً من تدمير القوارب، تركز السلطات الأوروبية على اعتراض القوارب والقبض على الطواقم، بهدف جمع معلومات حول رؤوس الأموال وعمليات التهريب وشبكات التوزيع. ومع ذلك، يرى بعض المسؤولين أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
وقال فاز إنه يجب أن تكون هناك “عضلات أكبر” – أي المزيد من الموارد والقدرات التدخلية – لمكافحة هذه الظاهرة، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بسيادة القانون. ويشير خبراء إلى أن الرحلة عبر المحيط الأطلسي غالبًا ما تتم بواسطة “أشخاص يائسين” بسبب خطورتها الشديدة، حيث يمكن أن يتعرض الطاقم لظروف قاسية مثل استنشاق أبخرة الديزل أو حتى الموت.
الأبعاد الاقتصادية والجريمة المنظمة
تكمن جاذبية تهريب الكوكايين في الأرباح الهائلة التي يمكن تحقيقها. تشير التقديرات إلى أن الفرق بين سعر الكوكايين في أمريكا اللاتينية وسعره في الأسواق الأوروبية كبير جدًا، مما يوفر هامش ربح كبير لشبكات الجريمة المنظمة. ويرى ديريك مالتز، المسؤول السابق في إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، أن هذا هو الدافع الرئيسي وراء تزايد عمليات التهريب، وأن هذه الشبكات لا تعتبر أوروبا منطقة محفوفة بالمخاطر.
بالإضافة إلى الكوكايين، تشمل المخدرات الأخرى التي يتم تهريبها إلى أوروبا الهيروين والحشيش والمواد المخدرة الاصطناعية. وتشكل هذه الظاهرة تحديًا أمنيًا واجتماعيًا كبيرًا للقارة الأوروبية، حيث يمكن أن تؤدي إلى زيادة الجريمة والعنف والإدمان. وتتعاون الدول الأوروبية مع بعضها البعض ومع المنظمات الدولية لمكافحة هذه الظاهرة، ولكن الجهود لا تزال غير كافية.
مستقبل مكافحة تهريب المخدرات
من المتوقع أن تستمر عمليات تهريب المخدرات عبر المحيط الأطلسي في التزايد في المستقبل القريب، ما لم يتم اتخاذ إجراءات أكثر فعالية لمكافحتها. وتشمل هذه الإجراءات زيادة التعاون الدولي، وتحسين تقنيات المراقبة، وتوفير المزيد من الموارد للسلطات المعنية. كما يجب معالجة الأسباب الجذرية لتهريب المخدرات، مثل الفقر والفساد والطلب المتزايد على المخدرات في الأسواق الأوروبية. وستراقب السلطات عن كثب تطورات الوضع في أمريكا اللاتينية، وخاصةً العلاقة بين الولايات المتحدة وفنزويلا، حيث يمكن أن يكون لها تأثير كبير على تدفق المخدرات إلى أوروبا.






