شنت القوات الإسرائيلية غارات جوية على مناطق مختلفة في قطاع غزة، بالتزامن مع استمرار عملية تسليم الجثامين الفلسطينية التي تحتجزها. وتأتي هذه التطورات في ظل جهود مستمرة لتحديد هوية الجثامين وتسليمها لعائلاتها، وهي عملية تواجه تحديات كبيرة بسبب الأضرار الناجمة عن القتال. وقد تسلمت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة 15 جثماناً فلسطينياً إضافياً من إسرائيل.
وأفادت وزارة الصحة بغزة أنها استلمت الجثامين عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وبهذا، يرتفع العدد الإجمالي للجثامين التي تم تسليمها منذ 14 أكتوبر الماضي إلى 330 جثماناً. وتأتي عملية التسليم في إطار اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من نوفمبر الحالي.
التعرف على الجثامين: تحديات مستمرة
تُواجه عملية التعرف على هوية الضحايا صعوبات جمة، حيث أن العديد من الجثامين تصل وهي متضررة أو مجهولة الهوية. تعتمد العائلات بشكل كبير على العلامات المميزة المتبقية في أجساد الضحايا أو على الملابس التي كانوا يرتدونها لتحديد هويتهم، وذلك في ظل النقص الحاد في الأجهزة والمختبرات الطبية المتخصصة في تحديد الهوية.
جهود وزارة الصحة
أكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن طواقمها الطبية تعمل على التعامل مع الجثامين وتسليمها وفقاً للإجراءات الطبية والبروتوكولات المعتمدة. يشمل ذلك توثيق المعطيات الأولية ومحاولة جمع معلومات قد تساعد في تحديد هوية الضحايا.
حتى الآن، تم التعرف على هوية 97 جثماناً فقط من بين إجمالي الجثامين التي وصلت إلى قطاع غزة. هذا يشير إلى أن غالبية الضحايا لا يزالون مجهولي الهوية، مما يزيد من معاناة عائلاتهم.
ووفقاً لمعطيات الحملة الوطنية الفلسطينية لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين، كانت إسرائيل تحتجز قبل سريان وقف إطلاق النار 735 جثماناً فلسطينياً. وقد تسلمت إسرائيل بعض الجثامين المجهولة الهوية دون تزويد وزارة الصحة بأي معلومات إضافية قد تساعد في التعرف عليها.
وأشارت تقارير إلى أن بعض الجثامين وصلت إلى غزة وقد طُمست ملامحها بسبب آثار التعذيب الإسرائيلي، مما يجعل عملية التعرف عليها أكثر تعقيداً. هذا الأمر أثار قلقاً بالغاً لدى العائلات والجهات الحقوقية التي تطالب بفتح تحقيق مستقل في هذه الادعاءات.
تأتي هذه الأحداث في سياق حرب أدت إلى نزوح واسع النطاق للسكان وتدمير للبنية التحتية في قطاع غزة. وتشير التقديرات إلى أن عدد الضحايا الفلسطينيين تجاوز 69 ألف شهيد، بالإضافة إلى أكثر من 170 ألف جريح، وأعداد كبيرة من المفقودين الذين يناهز عددهم 9500 شخص.
الوضع الإنساني في غزة لا يزال مأساوياً، مع نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه. وتواجه المنظمات الإنسانية صعوبات كبيرة في الوصول إلى المحتاجين وتقديم المساعدة اللازمة بسبب القيود الإسرائيلية المستمرة.
تبادل الأسرى لا يزال مستمراً ضمن الاتفاق، لكنه يواجه تحديات تتعلق بتنفيذ بنود الاتفاق من قبل الطرفين. وتؤكد الفصائل الفلسطينية أنها ملتزمة بتنفيذ الاتفاق، لكنها تطالب بضمانات إسرائيلية جدية.
مستقبل المفاوضات يبقى غامضاً في ظل استمرار الخلافات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. ويتوقف تحقيق الاستقرار الدائم على التوصل إلى حل سياسي عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني.
من المتوقع أن تستمر عملية تسليم الجثامين خلال الفترة القادمة، ولكن لا تزال هناك العديد من العقبات التي قد تعيق هذه العملية. ويجب على المجتمع الدولي التدخل بشكل عاجل للضغط على إسرائيل للامتثال لاتفاق وقف إطلاق النار وتسهيل عملية تحديد هوية الجثامين وتسليمها لعائلاتها.






